المصطفى (صلىاللهعليهوسلم) : «إن هذا القرآن لا تنتهى عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد» (١) وقد عالج كثير من العلماء عددا من جوانب الإعجاز القرآنى ، لكن الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم لم تتضح لنا جوانبه الكثيرة كما اتضحت فى زمن التقدم العلمى ، والتقنى ، الذى نعيشه فى هذه الأيام ؛ فأصبح أسلوبا فريدا فى الدعوة إلى دين الله ، فى زمن فتح الله على الإنسان بالعديد من أبواب العلم ، بالكون ومكوناته ، وفتن الناس فيه بالعلوم الكونية ومعطياتها فتنة كبيرة.
الفرق بين التفسير العلمى ، والإعجاز العلمى للقرآن الكريم
يحتوى القرآن الكريم على أكثر من ألف آية صريحة تتحدث عن الكون ، وعن بعض مكوناته وظواهره ، بالإضافة إلى آيات أخرى كثيرة تقترب دلالاتها من الصراحة ، وهذه الآيات لم ترد من قبيل الإخبار العلمى المباشر للإنسان ، وذلك لأن الكشف العلمى ترك لاجتهاد الإنسان وتحصيله عبر فترات زمنية طويلة ، نظر المحدودية القدرات الإنسانية ، وللطبيعة التراكمية للمعارف المكتسبة ، ويؤكد ذلك أن تلك الآيات الكونية قد جاءت فى مقام الاستدلال على عظيم القدرة الإلهية فى إبداع الخلق ، وعلى أن الخالق المبدع (سبحانه وتعالى) قادر على إفناء خلقه ، وعلى إعادة هذا الخلق من جديد ، وهذه الآيات تحتاج إلى تفسير كما يحتاج غيرها من آيات هذا الذكر الحكيم ، ومن هنا كان لزاما علينا أن
__________________
(١) عن الإمام علي (كرم الله تعالى وجهه) قال : «سمعت رسول الله (صلى الله علي وسلم) يقول : «ستكون فتن» ، قلت : فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال : «كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، ونوره المبين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا تتشعب معه الآراء ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يمله الأتقياء ، ولا يخلق على كثرة الترداد ، ولا تنقضي عجائبه ؛ من علم علمه سبق ، ومن قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أجر ، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم». (أخرجه الترمذي والدارمي وغيرهما).