وكل موصوف مصنوع ، وصانع الأشياء غير موصوف بحد مسمى ، لم يتكون فتعرف كينونته بصنع غيره ، ولم يتناه إلى غاية إلا كانت غيره ، ولا يذل من فهم هذا الحكم أبدا (١) وهو التوحيد الخالص ، فاعتقدوه وصدقوه وتفهموه بإذن الله عزوجل ومن زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك (٢) لأن الحجاب والمثال والصورة غيره (٣) وإنما هو واحد موحد ، فكيف يوحد من زعم أنه عرفه بغيره ، إنما عرف الله من عرفه بالله (٤) فمن لم يعرفه به فليس يعرفه ، إنما يعرف غيره ، والله خالق الأشياء لا من شيء ، يسمى بأسمائه فهو غير أسمائه والأسماء غيره ، والموصوف غير الواصف (٥) فمن زعم أنه يؤمن بما لا يعرف فهو ضال عن المعرفة ، لا يدرك مخلوق شيئا إلا بالله ، ولا تدرك معرفة الله إلا بالله ، والله خلوا من خلقه ، وخلقه خلو منه ، إذا أراد الله شيئا كان كما أراد بأمره من غير نطق ، لا ملجأ لعباده مما قضى ، ولا حجة لهم فيما ارتضى ، لم يقدروا على عمل ولا معالجة مما أحدث في أبدانهم المخلوقة إلا بربهم ، فمن زعم أنه يقوى على عمل لم يرده الله عزوجل فقد زعم أن إرادته تغلب إرادة الله (٦) تبارك الله رب العالمين.
قال مصنف هذا الكتاب : معنى ذلك أن من زعم أنه يقوى على عمل لم يرده الله أن يقويه عليه فقد زعم أن إرادته تغلب إرادة الله ، تبارك الله رب العالمين.
٨ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضياللهعنه ، قال : حدثني عمي محمد بن
__________________
١ ـ لأن العز كل العز في حقيقة التوحيد.
٢ ـ أي زعم أنه يعرف الله بما بينه وبين الله من الأشياء أو بما يتصوره في الذهن ، أو بما حسبه مثلا وشبيها له.
٣ ـ والمغاير لا يكون معرفا للمغاير.
٤ ـ يأتي لهذا الكلام بيانات في الباب الواحد والأربعين.
٥ ـ هذا عبارة أخرى عن قوله في الحديث السادس عشر من الباب الثاني : فالذاكر الله غير الله.
٦ ـ لأن لإرادته تعالى في فعل العبد دخلا كما يأتي بيانه في محله إن شاء الله تعالى.