عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : خلق الله المشية بنفسها ، ثم خلق الأشياء بالمشية (١).
قال محمد بن علي مؤلف هذا الكتاب رضياللهعنه : إذا وصفنا الله تبارك وتعالى بصفات الذات فإنما ننفي عنه بكل صفة منها ضدها ، فمتى قلنا : إنه حي نفينا عنه ضد الحياة وهو الموت ، ومتى قلنا : إنه عليم نفينا عنه ضد العلم وهو الجهل ، ومتى قلنا : إنه سميع نفينا عنه ضد السمع وهو الصمم ، ومتى قلنا : بصير نفينا عنه ضد البصر وهو العمى ، ومتى قلنا : عزيز نفينا عنه ضد العزة وهو الذلة ، ومتى قلنا : حكيم نفينا عنه ضد الحكمة وهو الخطأ ، ومتى قلنا : غني نفينا عنه ضد الغنى وهو الفقر ، ومتى قلنا : عدل نفينا عنه الجور والظلم ومتى قلنا : حليم نفينا عنه العجلة ، ومتى قلنا : قادر نفينا عنه العجز ، ولو لم نفعل ذلك أثبتنا معه أشياء لم تزل معه ، ومتى قلنا : لم يزل حيا عليما سميعا بصيرا عزيزا حكيما غينا ملكا حليما عدلا كريما ، فلما جعلنا معنى كل صفة من هذه الصفات التي هي صفات ذاته نفي ضدها أثبتنا أن الله لم يزل واحدا لا شيء معه (٢) وليست الإرادة والمشية والرضا والغضب وما يشبه ذلك من صفات الأفعال بمثابة صفات الذات ، لأنه لا يجوز أن يقال : لم يزل الله مريدا شائيا كما يجوز أن يقال : لم يزل الله قادرا عالماً.
__________________
١ ـ روى هذا الحديث في الباب الرابع والخمسين بسند آخر بعبارة أخرى ، وأظهر التفاسير أن المشيئة هو أول ما تجلى منه تعالى الذي كان واسطه بينه وبين الأشياء ، وقد سمى ذلك في لسان الأخبار بأسماء منها النور المحمدي صلىاللهعليهوآله ومنها العقل ومنها الظل ومنها الماء ومنها غير ذلك ، وإطلاق كل منها عليها باعتبار ، وعلى هذا فالمشيئة من الله تعالى غير إرادته كما صرح به في أخبار وبأنها قبل الإرادة ، وإن استعملنا كثيرا في الكتاب والسنة بالترادف كالعرف العام والخاص.
٢ ـ قوله : ( فلما جعلنا ) عطف على قوله : ( ومتى قلنا ) ، وقوله : ( نفي ضدها ) على صيغة المصدر مفعول ثان لجعلنا ، وقوله : ( أثبتنا أن الله ـ الخ ) جواب ( لمتى قلنا ).