أن يدرك الواصفون صفته علوا كبيرا ، والوجه الآخر ( الله أكبر ) كأنه يقول : الله أعلى وأجل وهو الغني عن عباده لا حاجة به إلى أعمال خلقه ، وأما قوله : ( أشهد أن لا إله إلا الله ) فإعلام بأن الشهادة لا تجوز إلا بمعرفة من القلب ، كأنه يقول : اعلم أنه لا معبود إلا الله عزوجل وأن كل معبود باطل سوى الله عزوجل وأقر بلساني بما في قلبي من العلم بأنه لا إله إلا الله ، وأشهد أنه لا ملجأ من الله إلا إليه ولا منجى من شر كل ذي شر وفتنة كل ذي فتنة إلا بالله ، وفي المرة الثانية ( أشهد أن لا إله إلا الله ) معناه أشهد أن لا هادي إلا الله ، ولا دليل لي إلا الله ، وأشهد الله بأني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد سكان السماوات وسكان الأرضين وما فيهن من الملائكة والناس أجمعين ، وما فيهن من الجبال والأشجار والدواب والوحوش وكل رطب ويابس بأني أشهد أن لا خالق إلا الله ، ولا رازق ولا معبود ولا ضار ولا نافع ولا قابض ولا باسط ولا معطي ولا مانع ولا دافع ولا ناصح ولا كافي ولا شافي ولا مقدم ولا مؤخر إلا الله ، له الخلق والأمر وبيده الخير كله ، تبارك الله رب العالمين ، وأما قوله : ( أشهد أن محمد رسول الله ) يقول : أشهد الله أني أشهد أن لا إله إلا هو ، وأن محمد عبده ورسوله ونبيه وصفيه ونجيه أرسله إلى كافة الناس أجمعين بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وأشهد من في السماوات والأرض من النبيين والمرسلين والملائكة والناس أجمعين أني أشهد أن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم سيد الأولين والآخرين ، وفي المرة الثانية ( أشهد أن محمدا رسول الله ) يقول : أشهد أن لا حاجة لأحد إلى أحد إلا إلى الله الواحد القهار مفتقرة إليه سبحانه (١) وأنه الغني عن عباده والخلائق أجمعين ، وأنه أرسل محمدا إلى الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، فمن أنكره وجحده ولم يؤمن به أدخله الله عزوجل نار جهنم خالدا مخلدا لا ينفك عنها أبدا ، وأما قوله : ( حي على الصلاة ) أي هلموا إلى خير أعمالكم ودعوة ربكم ، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وإطفاء ناركم التي
__________________
١ ـ قوله : مفتقرة بالنصب حال من حاجة باعتبار ذيها ، أو بالرفع خبر لمبتدأ محذوف أي كل نفس ، وليس في النسخ المخطوطة عندي ( مفتقرة إليه سبحانه وأنه ).