قال السائل : فله كيفية؟ قال : لا لأن الكيفية جهة الصفة والإحاطة (١) ولكن لا بد من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه لأن من نفاه أنكره ورفع ربوبيته وأبطله ومن شبهه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقون الربوبية ، ولكن لا بد من إثبات ذات بلا كيفية لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره (٢).
قال السائل : فيعاني الأشياء بنفسه؟ (٣) قال أبو عبد الله عليهالسلام : هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة لأن ذلك صفة المخلوق الذي لا يجئ الأشياء له إلا بالمباشرة والمعالجة ، وهو تعالى نافذ الإرادة المشية فعال لما يشاء.
قال السائل : فله رضى وسخط؟ قال أبو عبد الله عليهالسلام : نعم ، وليس ذلك على
__________________
١ ـ أي جهة توجب إمكان توصيف المكيف والإحاطة به إدراكا.
٢ ـ الضمائر المؤنثة راجعة إلى الذات ، وفي الكافي باب أنه شيء ( ولكن لا بد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره ـ الخ ) فالضمائر راجعة إلى كيفية ، وقد أثبت له تعالى كيفية في روايات ونفيت عنه في أخرى ، فالمثبتة هي الوجوب الذاتي الذي هو عين وجوده وذاته وصفاته ، والمنفية ما به إمكان إدراكه وتوصيفه كما في غيره.
٣ ـ هو من المعاناة ، والثلاثي منه العنى بمعنى التعب والنصب واللغوب وتحمل المشقة وهي مباشرة العمل بالآلات بحيث يتحمل الفاعل المشقة والتعب من جهة الفعل فكرا أو فعلا وهذا منفى عنه تعالى ، بل إرادته نافذة ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) من دون مس لغوب ونصب ومن دون مباشرة ومعالجة بالآلات وحاجة إلى شيء من الأسباب هكذا في الكافي والبحار باب الاحتجاج ، وكثير من النسخ ، وفي بعض النسخ الخطية ( يعاين ) في الموضعين ، وهو من المعاينة وهي شهود شيء لشيء ، وهذا من خطأ الناسخ لأنه غير منفي عنه تعالى لأنه شاهد كل شيء بنفسه لا ببصر غيرها بدلائل العقل والنقل كما مر في كلامه عليهالسلام هنا ، مع تنافر الجواب والتعليل له جدا ، وعجبا من فاضل شرح هذا الحديث في آخر الجزء الأول من الكافي المطبوع حديثا فأخذ هذه اللفظة من المعاينة وأتى بما لا ارتباط له بكلام الإمام عليهالسلام مع أن ما في الكافي يعاني الأشياء.