قال السائل : فمن أين أثبت أنبياء ورسلا؟ قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيما لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسهم ولا يلامسوه ولا يباشرهم ولا يباشروه ولا يحاجهم ولا يحاجوه (١) فثبت أن له سفراء في خلقه وعباده (٢) يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه وثبت عند ذلك أن له معبرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب ، مؤيدين من عند الله الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين و
__________________
بل هو تبارك وتعالى لا يحدث عليه الحال ولا يجري عليه الحدوث فلا يكون نزلوه كنزول المخلوق الذي متى تنحى عن مكان إلى مكان خلا منه المكان الأول ، ولكنه ينزل إلى السماء الدنيا بغير معاناة وحركة فيكون كما هو في السماء السابعة على العرش كذلك هو في السماء الدنيا ، إنما يكشف عن عظمته ويرى أولياءه نفسه حيث شاء ويكشف ما شاء من قدرته ، ومنظره في القرب والبعد سواء ).
أقول : حديث نزوله تعالى مروي مأول ككثير من آيات الكتاب ، وقد مر في الحديث السابع من الباب الثامن والعشرين أن النازل ملك.
١ ـ قوله : ( لم يجز أن يشاهده ـ الخ ) جواب ( لما ) إلا أنه جواب باعتبار الجملة الأولى ، وقوله : ( وكان ذلك الصانع حكيما ) جملة حالية ، فما يثبت به وجوب إرسال الرسل كونه تعالى متعاليا عن الخلق لا يجوز لهم مشاهدته ومكالمته ومباشرته ، وكونه حكيما لا يجوز أن يتركهم سدى ، فثبت أن له سفراء ـ الخ ) وفي الكافي باب الاضطرار إلى الحجة ( إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسوه فيباشرهم ويباشروه ويحاجهم ويحاجوه ثبت أن له سفراء في خلقه يعبرون عنه إلى خلقه وعباده ) وكذا في البحار باب احتجاج الصادق عليهالسلام في خبر آخر عن كتاب الاحتجاج.
٢ ـ في نسخة ( ط ) وحاشية نسخة ( ب ) ( أن له سفراء في خلقه وعبادا يدلونهم ـ الخ ).