له أبو الحسن عليهالسلام : أيها الرجل أرأيت إن كان القول قولكم ـ وليس هو كما تقولون ـ ألسنا وإياكم شرعا سواء (١) ولا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا؟ فسكت ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : وإن يكن القول قولنا ـ وهو كما نقول ـ ألستم قد هلكتم ونجونا؟.
فقال ، رحمك الله فأوجدني كيف هو وأين هو (٢) قال : ويلك إن الذي ذهبت إليه غلط ، هو أين الأين وكان ولا أين ، وهو كيف الكيف وكان ولا كيف ، ولا يعرف بكيفوفية ولا بأينونية ولا يدرك بحاسة ولا يقاس بشيء.
قال الرجل فإذا إنه لا شيء إذ لم يدرك بحاسة من الحواس فقال أبو الحسن عليهالسلام : ويلك لما عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته ، ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا خلاف الأشياء (٣).
قال الرجل : فأخبرني متى كان؟ فقال أبو الحسن عليهالسلام : أخبرني متى لم يكن فأخبرك متى كان.
قال الرجل : فما الدليل عليه؟ قال أبو الحسن عليهالسلام : إني لما نظرت إلى جسدي فلم يمكني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول ودفع المكاره عنه وجر المنفعة إليه علمت أن لهذا البنيان بانيا فأقررت به ، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته وإنشاء السحاب وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات علمت أن لهذا مقدرا ومنشئا.
__________________
١ ـ في الكافي باب حدوث العالم وفي البحار باب إثبات الصانع وفي نسخة ( و ) كما هنا بنصب شرعا ، وفي سائر النسخ : ( ألسنا وإياكم شرع سواء ) بالرفع وفي كليهما شيء بحسب القواعد إلا أن كثيرا منها على الأغلب ، ويمكن التوجيه هنا بأن تكون الواو للمعية لا للعطف ، وشرع بفتحتين يؤتي للواحد وغيره وللمذكر وغيره بمعنى سواء فذكره بعده تأكيد.
٢ ـ قوله : ( أوجدني ) من الايجاد بمعنى الإفادة ، كما في خبر أبي الأسود الدئلي أن الحرف ما أوجد معنى في غيره أي أفاد.
٣ ـ في نسخة ( ب ) ( أيقنا أنه ربنا خلاق الأشياء ).