وانتهي عما نهى عنه وزجر ، الله المنشئ للأرواح والصور.
فقال ابن أبي العوجاء : ذكرت يا أبا عبد الله فأحلت على غائب ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : ويلك كيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد وإليهم أقرب من حبل الوريد ، يسمع كلامهم ، ويرى أشخاصهم ، ويعلم أسرارهم.
فقال ابن أبي العوجاء : فهو في كل مكان؟ أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض ، وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء؟! فقال أبو عبد الله عليهالسلام : إنما وصفت المخلوق الذي إذا انتقل عن مكان واشتغل به مكان وخلا منه مكان فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه ، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان فلا يخلو منه مكان ، ولا يشتغل به مكان ، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان ، والذي بعثه بالآيات المحكمة ، والبراهين الواضحة ، وأيده بنصره ، واختاره لتبليغ رسالته صدقنا قوله بأن ربه بعثه وكلمه ، فقام عنه ابن أبي العوجاء وقال لأصحابه : من ألقاني في بحر هذا؟!.
وفي رواية محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهالله : من ألقاني في بحر هذا ، سألتكم أن تلتمسوا لي خمرة فألقيتموني على جمرة (١) قالوا : ما كنت في مجلسه إلا حقيرا ، قال : إنه ابن من حلق رؤوس من ترون (٢)
٥ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال : حدثنا أحمد بن يحيى ، عن بكر بن
__________________
١ ـ الخمرة بالفتح بمعنى الخمر ، وبالضم ألمها وصداعها ويأتي بمعان أخرى ، ومراد اللعين أني سألتكم أن تأتوني إلى من أجادله وألعب به وأستهزئ به وأضحك عليه لا إلى من يحرقني ببلاغة بيانه وبرهانه.
٢ ـ أي أمرهم بحلق الرؤوس في الحج فأطاعوه خضوعا لله فإنه كان من عادة السلطان إذا أراد تخضيع أحد أن يأمر بحلق رأسه ، واليوم معمول في بعض البلاد ، وهذا الحديث مذكور في الاحتجاج وأمالي الصدوق وعلل الشرائع ، وليس فيها قوله : ( والذي بعثه بالآيات إلى آخر الحديث ) وكأنه جواب عن سؤال لم يذكر.