للحق والإسلام مع ذلك (١) وكانت معه امرأة تخدمه ، طال مكثها معه ، وكان يسر إليها ضعف النصرانية وضعف حجتها ، قال : فعرفت ذلك منه ، فضرب بريهة الأمر ظهرا لبطن وأقبل يسأل فرق المسلمين والمختلفين في الإسلام من أعلمكم؟ وأقبل يسأل عن أئمة المسلمين وعن صلحائهم وعلمائهم ، وأهل الحجى منهم ، وكان يستقرئ فرقة فرقة لا يجد عند القوم شيئا ، وقال : لو كانت أئمتكم أئمة على الحق لكان عندكم بعض الحق ، فوصفت له الشيعة ، ووصف له هشام بن الحكم.
فقال يونس بن عبد الرحمن : فقال لي هشام : بينما أنا على دكاني على باب الكرخ جالس وعندي قوم يقرؤون علي القرآن فإذا أنا بفوج النصارى معه ما بين القسيسين إلى غيرهم نحو من مائة رجل عليهم السواد والبرانس ، والجاثليق الأكبر فيهم بريهة حتى نزلوا حول دكاني (٢) وجعل لبريهة كرسي يجلس عليه فقامت الأساقفة والرهابنة على عصيهم ، وعلى رؤوسهم برانسهم ، فقال بريهة : ما بقي من المسلمين أحد ممن يذكر بالعلم بالكلام إلا وقد ناظرته في النصرانية فما عندهم شيء وقد جئت أناظرك في الإسلام ، قال : فضحك هشام فقال : يا بريهة إن كنت تريد مني آيات كآيات المسيح فليس أنا بالمسيح ولا مثله ولا أدانيه ، ذاك روح طيبة خميصة (٣) مرتفعة ، آياته ظاهرة ، وعلاماته قائمة ، قال بريهة : فأعجبني الكلام والوصف.
قال هشام : إن أردت الحجاج فههنا ، قال بريهة : نعم فإني أسألك ما نسبة نبيكم هذا من المسيح نسبة الأبدان؟ قال هشام : ابن عم جده ( لأمه ) لأنه من ولد إسحاق ومحمد من ولد إسماعيل ، قال بريهة ، وكيف تنسبه إلى أبيه؟ (٤) قال هشام : إن
__________________
١ ـ في نسخة ( ج ) و ( ط ) ( وكان طالبا للحقوق الإسلام مع ذلك ).
٢ ـ في نسخة ( و ) و ( د ) ( حتى بركوا حول دكاني ).
٣ ـ أي خالية منزهة من الرذائل النفسية والكدورات المادية.
٤ ـ أي كيف تنسبه إلى إسحاق فسؤال استعباد ، أو كيف تنسبه إلى الله الذي هو أبوه عندنا فسؤال جدال ، والثاني أظهر.