في الغيب مقرونان لأن الكرسي هو الباب الظاهر (١) من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والأين والمشية وصفة الإرادة ، وعلم الألفاظ والحركات والترك ، وعلم العود والبدء (٢) فهما في العلم بابان مقرونان لأن ملك العرش سوى ملك الكرسي وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال : ( رب العرش العظيم ) أي صفته أعظم من صفة الكرسي وهما في ذلك مقرونان ، قلت : جعلت فداك فلم صار في الفضل جار الكرسي؟ قال : إنه صار جاره لأن علم الكيفوفية فيه ، وفيه الظاهر من أبواب البداء وأينيتها (٣) وحد رتقها وفتقها ،
__________________
وحاصل كلامه عليهالسلام أن العرش والكرسي موجودان من الموجودات الملكوتية غائبان عن إدراكنا ، في كل منهما علم الأشياء ومن كل منهما تدبيرها من حيث سلسلة عللها وخصوصياتها ، إلا أن العرش مقدم في ذلك على الكرسي ، ومن العرش يجري إلى الكرسي ما يجري في الأشياء ، كما أن عرش السلطان يجري منه تدبير الأمور إلى الأمير صاحب الكرسي ثم منه إلى المقامات العاملة المباشرة لأمور المملكة.
١ ـ في نسخة ( ب ) ( لأن الكرسي هو التأويل الظاهر ـ الخ ) وفي نسخة ( ج ) ( إلا أن الكرسي ـ الخ ).
٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( د ) ( وعلم العود والبداء ).
٣ ـ من الأين أي أمكنه أبواب البداء ومواضعها ، وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( أنيتها ) أي ثبوتها ، وفي نسخة ( و ) و ( ن ) ( أبنيتها ) جمع البناء وهذا يرجع إلى المعنى الأول ، وبيانه أن الكرسي صار جار العرش وقرينا له لأن علم الكيفوفية فيه كما هو في العرش أيضا ، ولكنه يمتاز عن العرش بأن فيه البداء دونه ، وإنما هو مكان البداء وفيه يرتق ويفتق لأن في العرش علم كل شيء مع إرساله وتعليقه ، وأما الكرسي فيصل إليه علم كل شيء من العرش بالارسال سواء كان مرسلا في الواقع أو معلقا ، والبداء يأتي بيانه في بابه إن شاء الله تعالى ، وفي نسخة ( هـ ) ( وفيه الظاهر من أبواب البدء ) وفي نسخة ( ب ) ( وفيه الظاهر من علم أبواب البداء ).