عن الحجال ، عن أبي إسحاق ثعلبة ، عن زرارة ، عن أحدهما يعني أبا جعفر وأبا عبد الله عليهماالسلام قال : ما عبد الله عزوجل بشيء مثل البداء.
__________________
وإما بحسب مفهوم اللفظ فلا ، فإسناد البداء إلى الله تعالى صحيح من دون احتياج إلى التوجيه ، ومعناه في حقه تعالى عدم الاستمرار والابقاء لشيء في التكوين أو التشريع بإثبات ما لم يكن ومحو ما كان ، ولا ريب أن محو شيء أو إثباته يدور مدار علته التامة ومباديه في الملكوت بأن يثبت بعض أسبابه وشرائطه أو يمحي أو يثبت بعض موانعه أو يمحي ، وذلك إلى مشيته وإرادته التابعة لعلمه فإنه تعالى كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن ويمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ، ولكل أجل كتاب ، وهذا مما لا ارتياب فيه ولا إشكال ، ومن استشكل فيه من الإسلاميين أو غيرهم فإنما هو لسوء الفهم وفقد الدرك.
وإنما الكلام فيما أخبر الله تعالى أو أحد الأنبياء والأوصياء عن وقوعه محدودا بحدود وموقوتا بأوقات ولم يقع بعد كذلك ثم أخبر عنه مخالفا لما حد ووقت أو يظهر مخالفا له من دون إخبار كمواعدة موسى على نبينا وآله وعليه السلام وذبح إسماعيل على نبينا وآله وعليه السلام وقوله تعالى : ( فتول عنهم فما أنت بملوم ). وإخبار عيسى على نبينا وآله وعليه السلام بموت عروس ليلة عرسها ولم تمت وإخبار نبي من أنبياء بني إسرائيل بموت ملك ولم يمت وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه.
وأحق ما قيل في الجواب ما ذكر في كلمات أئمتنا صلوات الله عليهم أن من الأمور أمورا موقوفة عند الله تعالى يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء وعلم ذلك كله عنده تعالى ويقع علم تلك الأمور عند مدبرات الأمور من الملائكة وغيرهم فيخبرون عنها مع جهلهم بالتوقف أو سكوتهم عنه مع العلم كما سكت عنه الله تعالى كما هو الشأن في أئمتنا صلوات الله عليهم بعقيدتي لأن علمهم فوق البداء لأنهم معادن علمه وإن كان ظاهر بعض الأخبار على خلاف ذلك ، فيقال عند ذلك : بد الله تعالى في ذلك الأمر لأن الله تعالى غير الأمر عما أخبر به أولا بالارسال ، وإن شئت فقل إنه تعالى أو غيره أخبر عن الأمر بحسب علته الناقصة مع العلم بعلته التامة ووقوعها أو عدم وقوعها.
ثم إن اختصاص العلم الكامل بالأمور بنفسه وبصفوة خلقه ووقوع العلم الناقص عند العاملين في ملكوته وبعض خلقة من لوازم كبريائه وسلطانه كما هو الشأن عند