حتى يكونوا مؤمنين * وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ) (١) فقال الرضا عليهالسلام : حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهمالسلام أن المسلمين قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الإسلام كثر عددنا وقوينا على عدونا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما كنت لألقى الله عزوجل ببدعة لم يحدث إلي فيها شيئا ، وما أنا من المتكلفين ، فأنزل الله تبارك وتعالى : يا محمد ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) على سبيل الالجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة ، ولو فعلت ذلك بهم لهم لم يستحقوا مني ثوابا ولا مدحا ، لكني أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا مني الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنة الخلد ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) وأما قوله عزوجل : ( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بأذن الله ) فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلا بإذن الله ، وإذنه أمره لها بالإيمان ما كانت مكلفة متعبدة ، وإلجاؤه إياها إلى الإيمان عند زوال التكليف والتعبد عنها. فقال المأمون : فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك (٢).
__________________
١ ـ يونس : ١٠٠.
٢ ـ حاصل كلامه عليهالسلام في الآيتين : لو شاء ربك أن يؤمن الناس كلهم بالالجاء والتكوين لآمنوا ، ولكنه لم يشأ كذلك فلم يؤمن كلهم ، فلا يطمع أصحابك أن تكره الناس على الإيمان حتى يكونوا مؤمنين ، بل الله تعالى شاء أن يؤمن الناس بالاختيار حتى يستحقوا الكرامة والزلفى ودوام الخلود في جنة الخلد ، وعلى هذا فما كان لنفس أن تؤمن إلا بأمره المناسب لاختيارهم. وأمره هو ما يجمع أسباب إيمان النفوس من جهته تعالى من تشريع الشرائع ونصب الأعلام والأدلة وإعطاء العقل وإرسال الرسل وإنزال الكتب والدعوة إليه والوعد والوعيد والانذار والتبشير وغير ذلك من الألطاف والهدايات ، فما لم يعد الله هذه الأمور ما كان لنفس أن تؤمن لأن الإيمان مسبب عنها ووجوده بدون السبب ممتنع ، وما