هاد لخلقه من أهل السماء وأهل الأرض ، وليس لك علي أكثر من توحيدي إياه قال عمران : يا سيدي أليس قد كان ساكتا قبل الخلق لا ينطق ثم نطق؟ قال الرضا عليهالسلام : لا يكون السكوت إلا عن نطق قبله (١) والمثل في ذلك أنه لا يقال للسراج : هو ساكت لا ينطق ، ولا يقال : إن السراح ليضيئ فيما يريد أن يفعل بنا لأن الضوء من السراج ليس بفعل منه ولا كون ، وإنما هو ليس شيء غيره ، فلما استضاء لنا قلنا : قد أضاء لنا حتى استضأنا به ، فبهذا تستبصر أمرك (٢).
قال عمران : يا سيدي فإن الذي كان عندي أن الكائن قد تغير في فعله عن حاله بخلقه الخلق ، قال الرضا عليهالسلام : أحلت يا عمران في قولك : إن الكائن يتغير في وجه من الوجوه حتى يصيب الذات منه ما يغيره ، يا عمران هل تجد النار يغيرها تغير نفسها ، أو هل تجد الحرارة تحرق نفسها ، أو هل رأيت بصيرا قط رأى بصره؟ (٣) قال عمران : لم أر هذا.
ألا تخبرني يا سيدي أهو في الخلق أم الخلق فيه؟ قال الرضا عليهالسلام : جل يا عمران عن ذلك ، ليس هو في الخلق ولا الخلق فيه ، تعالى عن ذلك ، وسأعلمك ما تعرفه به ولا حول ولا قوة إلا بالله ، أخبرني عن المرآة أنت فيها أم هي فيك؟!
__________________
١ ـ لأنه عدم الملكة ولا يصح إلا فيما تصح ملكته ، فليس الله ساكتا ولا ناطقا بالمعنى الذي فينا حتى يلزم فيه التغير والتركيب ، كما لا يقال للسراج : أنه ساكت حين طفئه ولا أنه ناطق حين أضاءته ، وقوله : ( ولا يقال إن السراج ليضيئ فيما يريد ـ الخ ) كأنه تمثيل وبيان لقوله : ( هو نور ) حتى لا يتوهم السامع من تفسيره بالهادي أن النور كون وإحداث وراء ذاته تعالى ، بل هو هو وليس شيء غيره على ما صرح به في أحاديث الباب العاشر وما بعده ، كما أن الضوء عين السراج لا أنه كون وإحداث وراء ذاته ، وللمجلسي رحمهالله في تفسير هذا الكلام غير ذلك.
٢ ـ في نسخة ( د ) ( يستقر أمرك ).
٣ ـ المراد بهذه الأمثلة بيان أن الشيء لا يتغير من قبل نفسه ولا من قبل فعله ، بل إنما يتغير بتأثير غيره ، فإذا امتنع تأثير الغير فيه امتنع تغيره.