فإن كان ليس واحد منكما في صاحبه فبأي شيء استدللت بها على نفسك؟! قال عمران : بضوء بيني وبينها ، فقال الرضا عليهالسلام : هل ترى من ذلك الضوء في المرآة أكثر مما تراه في عينك؟ قال : نعم ، قال الرضا عليهالسلام : فأرناه ، فلم يحر جوابا ، قال الرضا عليهالسلام : فلا أرى النور إلا وقد دلك ودل المرآة على أنفسكما من غير أن يكون في واحد منكما ، ولهذا أمثال كثيرة غير هذا لا يجد الجاهل فيها مقالا ، ولله المثل الأعلى.
ثم التفت عليهالسلام إلى المأمون فقال : الصلاة قد حضرت ، فقال عمران : يا سيدي لا تقطع علي مسألتي فقد رق قلبي ، قال الرضا عليهالسلام : نصلي ونعود ، فنهض ونهض المأمون : فصلى الرضا عليهالسلام داخلا ، وصلى الناس خارجا خلف محمد ابن جعفر ، ثم خرجا ، فعاد الرضا عليهالسلام إلى مجلسه ودعا بعمران فقال : سل يا عمران ، قال : يا سيدي ألا تخبرني عن الله عزوجل هل يوحد بحقيقة أو يوحد بوصف؟ (١) قال الرضا عليهالسلام : إن الله المبدئ الواحد الكائن الأول لم يزل واحدا لا شيء معه ، فردا لا ثاني معه ، لا معلوما ولا مجهولا ولا محكما ولا متشابها ولا مذكورا ولا منسيا ، ولا شيئا يقع عليه اسم شيء من الأشياء غيره ، ولا من وقت كان ولا إلى وقت يكون ، ولا بشيء قام ، ولا إلى شيء يقوم ، ولا إلى شيء استند ، ولا في شيء استكن وذلك كله قبل الخلق إذ لا شيء غيره (٢) وما أوقعت عليه من الكل فهي صفات محدثة وترجمة يفهم بها من فهم (٣).
واعلم أن الابداع والمشية والإرادة معناها واحد وأسماؤها ثلاثة ، وكان أول إبداعه وإرادته ومشيته الحروف التي جعلها أصلا لكل شيء ودليلا على كل
__________________
١ ـ في نسخة ( ط ) ( هل يوجد بحقيقة أو يوجد بوصف ) من الوجدان أي هل يدرك ويعرف بها أو به ، وفي نسخه ( ج ) ( هل يوجد بحقيقة أو يوصف بوصف ).
٢ ـ في نسخة ( ج ) و ( هـ ) ( قبل خلقه الخلق ـ الخ ).
٣ ـ في هامش نسخة ( ط ) ( وما أوقع عليه من المثل ـ الخ ) وفي هامش نسخة ( ن ) ( وما أوقعت عليه من المثل ) وفي نسخة ( ج ) ( وما أوقعت عليه من الشكل ).