واحد منهما لون ولا ذوق ولا وزن (١) فجعل أحدهما يدرك بالآخر ، وجعلهما مدركين بأنفسهما ، ولم يخلق شيئا فردا قائما بنفسه دون غيره للذي أراد من الدلالة على نفسه وإثبات وجوده (٢) والله تبارك وتعالى (٣) فرد واحد لا ثاني معه يقيمه ولا يعضده ولا يمسكه (٤) والخلق يمسك بعضه بعضا بإذن الله ومشيته ، وإنما اختلف الناس في هذا الباب حتى تاهوا وتحيروا وطلبوا الخلاص من الظلمة بالظلمة في وصفهم الله بصفة أنفسهم فازدادوا من الحق بعدا ، ولو وصفوا الله عزوجل بصفاته ووصفوا المخلوقين بصفاتهم لقالوا بالفهم واليقين ولما اختلفوا ، فلما طلبوا من ذلك ما تحيروا فيه ارتبكوا (٥) والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
قال عمران : يا سيدي أشهد أنه كما وصفت ، ولكن بقيت لي مسألة ، قال : سل عما أردت ، قال : أسألك عن الحكيم في أي شيء هو ، وهل يحيط به شيء ، وهل يتحول من شيء إلى شيء ، أوبه حاجة إلى شيء؟ قال الرضا عليهالسلام : أخبرك يا عمران فاعقل ما سألت عنه فإنه من أغمض ما يرد على المخلوقين في مسائلهم ، وليس يفهمه المتفاوت عقله ، العازب علمه (٦) ولا يعجز عن فهمه أولوا العقل المنصفون ، أما أول ذلك فلو كان خلق ما خلق لحاجة منه لجاز لقائل أن يقول : يتحول إلى ما خلق لحاجته إلى ذلك ولكنه عزوجل لم يخلق شيئا لحاجته (٧) ولم يزل
__________________
١ ـ في نسخة ( هـ ) ( فليس في أحد منهما ـ الخ ) وفي نسخة ( ن ) ( وليس في كل واحد منهما ـ الخ ) وفي البحار : ( وليس في واحد منهما ـ الخ ).
٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( الذي أراد ـ الخ ).
٣ ـ في نسخة ( ن ) ( فالله تبارك وتعالى ).
٤ ـ في البحار وفي نسخة ( هـ ) و ( د ) و ( ب ) و ( و ) ( ولا يعضده ولا يكنه ).
٥ ـ ارتبك في الكلام : تتعتع ، والصيد في الحبالة : اضطرب فيها ، وفي الأمر : وقع فيه ولم يكد يتخلص منه ، وفي نسخة ( ن ) و ( د ) و ( ط ) و ( و ) ( ارتكبوا ) أي ارتكبوا ما ليس بحق.
٦ ـ في البحار وفي نسخة ( د ) و ( ب ) و ( و ) ( العازب حلمه ) وفي حاشية نسخة ( ط ) ( العازب حكمه ).
٧ ـ في البحار وفي نسخة ( و ) و ( ب ) و ( د ) ( لحاجة ).