ثابتا لا في شيء ولا على شيء إلا أن الخلق يمسك بعضه بعضا ويدخل بعضه في بعض ويخرج منه ، والله عزوجل وتقدس بقدرته يمسك ذلك كله يدخل في شيء ولا يخرج منه ولا يؤوده حفظه ولا يعجز عن إمساكه ، ولا يعرف أحد من الخلق كيف ذلك إلا الله عزوجل ومن أطلعه عليه من رسله وأهل سره والمستحفظين لأمره وخزانه القائمين بشريعته ، وإنما أمره كلمح البصر أو هو أقرب (١) إذا شاء شيئا فإنما يقول له : كن ، فيكون بمشيته وإرادته ، وليس شيء من خلقه أقرب إليه من شيء ، ولا شيء منه هو أبعد منه من شيء (٢) أفهمت يا عمران؟ قال : نعم يا سيدي قد فهمت وأشهد أن الله على ما وصفته ووحدته ، وأن محمدا عبده المبعوث بالهدى ودين الحق ، ثم خر ساجدا نحوا القبلة وأسلم.
قال الحسن بن محمد النوفلي : فلما نظر المتكلمون إلى كلام عمران الصابئ وكان جدلا لم يقطعه عن حجته أحد قط لم يدن من الرضا عليهالسلام أحد منهم ولم يسألوه عن شيء ، وأمسينا فنهض المأمون والرضا عليهالسلام فدخلا وانصرف الناس ، وكنت مع جماعة من أصحابنا إذ بعث إلي محمد بن جعفر فأتيته ، فقال لي : يا نوفلي أما رأيت ما جاء به صديقك ، لا والله ما ظننت أن علي بن موسى خاض في شيء من هذا قط ، ولا عرفناه به أنه كان يتكلم بالمدينة أو يجتمع إلى أصحاب الكلام ، قلت ، قد كان الحاج يأتونه فيسألونه عن أشياء من حلالهم وحرامهم فيجيبهم ، وكلمه من يأتيه لحاجة (٣) فقال محمد بن جعفر : يا أبا محمد إني أخاف عليه أن يحسده هذا الرجل فيسمه أو يفعل به بلية ، فشر عليه بالإمساك عن هذه الأشياء ، قلت :
__________________
١ ـ في البحار وفي نسخة ( و ) و ( ب ) و ( ن ) ( كلمح بالبصر ـ الخ ).
٢ ـ في البحار وفي نسخة ( ج ) و ( ب ) و ( د ) ( ولا شيء أبعد منه من شيء ) ، وفي نسخة ( و ) و ( هـ ) ( ولا شيء هو أبعد منه من شيء ).
٣ ـ في نسخة ( هـ ) و ( ج ) ( بحاجة ) وفي نسخة ( و ) ( لحاجته ) وفي البحار : ( وربما كلم من يأتيه يحاجه ) وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( وربما كلم من يأتيه لحاجة ).