رب أجلني حتى يشب طفلي وأقضي أمري ، فأوحى الله عزوجل إلى ذلك النبي أن ائت فلان الملك (١) فأعلمه أني قد أنسيت في أجله وزدت في عمره خمس عشرة سنة ، فقال ذلك النبي : يا رب إنك لتعلم أني لم أكذب قط ، فأوحى الله عزوجل إليه : إنما أنت عبد مأمور فأبلغه ذلك ، والله لا يسأل عما يفعل (٢).
ثم التفت إلى سليمان فقال : أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب ، قال : أعوذ بالله من ذلك ، وما قالت اليهود؟ قال : قالت : ( يد الله مغلولة ) يعنون أن الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئا ، فقال الله عزوجل : ( غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا ) (٣) ولقد سمعت قوما سألوا أبي موسى بن جعفر عليهماالسلام ، عن البداء فقال : وما ينكر الناس من البداء وأن يقف الله قوما يرجيهم لأمره (٤)؟ قال سليمان : ألا تخبرني عن ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) في أي شيء أنزلت؟ قال الرضا : يا سليمان ليلة القدر يقدر الله عزوجل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من حياة أو موت أو خير أو شر أو رزق ، فما قدره من تلك الليلة فهو من المحتوم ، قال سليمان : ألآن قد فهمت جعلت فداك فزدني ، قال عليهالسلام : يا سليمان إن من الأمور أمورا موقوفة عند الله تبارك وتعالى يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، يا سليمان إن عليا عليهالسلام كان يقول : العلم علمان : فعلم علمه الله وملائكته ورسله ، فما علمه ملائكته ورسله فإنه يكون ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله ، وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه (٥) يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء ، قال سليمان للمأمون : يا أمير المؤمنين لا أنكر بعد يومي هذا
__________________
١ ـ هكذا في النسخ في الموضعين ، ولا يبعد أن يكون بإضافة فلان إلى الملك.
٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( وأنه لا يسأل عما يفعل ).
٣ ـ المائدة : ٦٤.
٤ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) و ( ج ) ( وأن الله ليقف قوما ـ الخ ) وفي نسخة ( و ) ( وأن الله يصف ـ الخ ).
٥ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) و ( ج ) و ( و ) ( لم يطلع عليه أحد من خلقه ).