نهى عن التفرّق والاختلاف ، وإنّما يتمّ ذلك بالمعصوم في كلّ زمان ؛ إذ عدم الرئيس يوجب التفرّق والاختلاف ، وكذا تفويض الرئيس إليهم ، فتعيّن نصب الإمام المعصوم.
وأيضا : فإنّ النهي عن الاختلاف مع عدم وفاء السنّة والكتاب بالأحكام ، وثبوت المجملات والمتشابهات والمجازات مع عدم نصب الإمام المعصوم ، والتكليف بالأحكام في كلّ واقعة ، وتفويض استخراج ذلك إلى الاجتهاد التابع للأمارات المختلفة والأفكار والأنظار المتباينة ، تكليف بما لا يطاق ، وهو محال.
لا يقال : المحال إذا لزم من مجموع ، ولا يلزم لزومه للأجزاء ، فلا يلزم [استلزام] (١) عدم المعصوم المحال.
لأنّا نقول : إذا كان ما عدا عدم المعصوم صادقا متحقّقا في نفس الأمر ، والصادق المتحقّق لا يستلزم المحال ، فتعيّن عدم المعصوم للاستلزام ، وهو المطلوب.
وأيضا : فقوله : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) يدلّ على طريق لظهور الأحكام والعلم بها (٢) ، وليس إلّا من المعصوم في كلّ عصر كما تقدّم (٣) ، فثبت.
الحادي عشر : قوله تعالى : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (٤).
والمأمور به مراد على ما ثبت في الأصول (٥) ، و [أمّا] (٦) كلام الأشاعرة (٧) فقد
__________________
(١) من «ب».
(٢) في هامش «ب» : (فيها) خ ل ، بدل : (بها).
(٣) تقدّم في الشيء السادس من الوجه الرابع من البحث الخامس من المقدمة ، وفي الدليل السادس والأربعين ، والوجه الثاني والثالث من الدليل الثامن والخمسين ، والدليل الحادي والستّين ، والدليل الأوّل من الدليل الثاني والستّين ، والدليل التاسع والسبعين من المائة الأولى.
(٤) غافر : ٣١.
(٥) الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٤١ ، ٥٢. العدّة في أصول الفقه ١ : ١٧٠ ، ٢١٣. مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ٩٠.
(٦) زيادة اقتضاها السياق.
(٧) نسب أبو إسحاق الشيرازي إلى الأشاعرة قولهم : إنّ الأمر لا صيغة له ، وأنّه لا يقتضي الوجوب