هذا صفة ذمّ ومنع من اتّباعهم ، وهم غير المعصوم ؛ لأنّه المتّبع للشهوات ، فلا يجوز اتّباعه مطلقا ؛ احترازا عن الضرر المظنون. والإمام يجب اتّباعه ، فلا شيء من غير المعصوم بإمام.
الثالث والسبعون : الإمام لا يقيم غيره عليه الحدود ، وإلّا لسقط محلّه من القلوب ، ولأنّه المتغلّب على الرعية كلّهم ويقهرهم ، ولا هو على نفسه ، وهو ظاهر.
ولأنّه إذا كان يفعل الذنوب لإبلاغ القوى الشهوية مقتضاها ، فدفع الآلام عنه أولى منه.
ولأنّ التكليف في الحدّ على المحدود بالتمكّن والطاعة للمقيم ، لا بأن يكون فاعلا للإقامة إجماعا ، وكلّ مذنب فلا بدّ من مستحقّ [للإقامة الحدّ عليه] (١) ، [وإن لم يتمكّن فهو من المكلّفين لا منه ولا من الله تعالى ؛ لأنّ وجوب إقامة الحدّ] (٢) لا على مقيم إجماعا محال.
إذا تقرّر ذلك فنقول : الإمام يستحيل عليه الذنب ؛ لأنّه لو جاز عليه الذنب فلا يخلو : إمّا ألّا يجب إقامة حدّ عليه ، وهو باطل قطعا. وإمّا أن يجب.
فإمّا أن يكون المقيم غيره ، وهو محال ؛ للمقدّمة الأولى.
وإمّا نفسه ، وهو باطل ؛ لتغاير القابل والفاعل إجماعا هنا.
الرابع والسبعون : الذنوب حادثة ، فلها فاعل قطعا ، ولها مانع ، وهو ظاهر.
والمانع مغاير للفاعل قطعا ؛ لأنّ المانع هو مستلزم للعدم ، والفاعل أثره الوجود ، وتنافي الآثار واللوازم يدلّ على تغاير المؤثّرات والملزومات.
إذا تقرّر ذلك فنقول : الإمام مانع من كلّ المعاصي في جميع الأوقات والأحوال [لجميع] (٣) الناس مع عدم مانعه وحصول شرائطه ، والموانع لا يجوز أن تكون منه ، بل من أمر خارج عنه ، وإلّا لما يصلح للمانعية.
__________________
(١) في «أ» و «ب» : (لإقامة عليه الحدّ) ، وما أثبتناه للسياق.
(٢) من «ب».
(٣) في «أ» و «ب» : (بجميع) ، وما أثبتناه للسياق.