تحقّق المضافين ، ولا بدّ وأن ينتهي إلى معصوم لا يجوز عليه الخطأ بوجه من الوجوه ولا السهو ، وإلّا لجاز أمره بالمنكر ونهيه [عن المعروف] (١) ، فلم يبق وثوق بقوله ، فانتفت فائدة التكليف به.
ولأنّه إمّا أن يكون كلّ واحد من الخلق مأمورا بأمر الآخر ونهيه من غير أن يكون هناك رئيس يأمر الكلّ وينهاهم ، أو مع رئيس.
والأوّل باطل ، وإلّا لوقع الهرج والمرج ، ولانتفى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إذ الغالب أن يرضى الواحد بترك تأليم غيره ليترك تأليمه ؛ لأنّا نبحث على تقدير غلبة القوّة الشهويّة والغضبيّة على القوّة العقليّة في أكثر الناس ، الذي يحصل بسبب تخليتهم على قوّتهم الشهويّة والغضبيّة ـ المقتضية لعدم التفاتهم إلى الشرائع ـ اختلال نظام النوع.
فتعيّن الثاني ، فلا يقوم غير الرئيس في ذلك مقامه.
ولا بدّ أن يكون ذلك الرئيس من قبل الله سبحانه وتعالى بحيث تجب طاعته وجوبا عامّا ، ولا بدّ أن يكون معصوما.
التاسع : العلم [بالأحكام] (٢) يقينا لا ظنّا بالاجتهاد ؛ لأنّ المصيب واحد على ما بيّناه في كتبنا الأصولية (٣) ، وقد تتعارض الأدلة و [تتساوى] (٤) الأمارات ويستحيل الترجيح بلا مرجّح ، وتتساوى أحوال العلماء بالنسبة إلى المقلّدين ، فلا بدّ من عالم بالأحكام يقينا [لا ظنّا بالأمارات ؛ ليرجع إليه من يطلب العلم ويطلب الصواب يقينا] (٥).
__________________
(١) في «أ» : (بالمعروف) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) من «ب».
(٣) مبادي الوصول إلى علم الأصول : ٢٤٤. تهذيب الوصول إلى علم الأصول : ٢٨٦.
(٤) في «أ» : (التساوي) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) من «ب».