وحين يقول : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)(١).
وحين يقول : (وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ)(٢).
وحين يقول : (وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ)(٣). وأمثال ذلك من القرآن كثير.
واعلم أي عمّ وابن عمّ ، أنّ الله ـ جلّ جلاله ـ لم يبال بضرّ الدنيا لوليّه ساعة قطّ ، ولا شيء أحبّ إليه من الضرّ والجهد والبلاء مع الصبر ، وأنّه ـ تبارك وتعالى ـ لم يبال بنعيم الدنيا لعدوّه ساعة قطّ.
ولو لا ذلك ، ما كان أعداؤه يقتلون أولياءه ويخيفونهم ويمنعونهم ، وأعداؤهم آمنون مطمئنّون عالون ظاهرون.
ولو لا ذلك ، لما قتل زكريّا ، واحتجب يحيى ظلما وعدوانا ، في بغيّ من البغايا.
ولو لا ذلك ، ما قتل جدّك عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لمّا قام بأمر الله ـ عزوجل ـ ظلما. وعمّك الحسين بن فاطمة عليهماالسلام ، اضطهادا وعدوانا.
ولو لا ذلك ، ما قال الله ـ عزوجل ـ في كتابه : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ)(٤).
ولو لا ذلك لما قال في كتابه : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ. نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ)(٥).
ولو لا ذلك لما جاء في الحديث : «لو لا أن يحزن المؤمن ، لجعلت للكافر عصابة من حديد ، لا يصدع رأسه أبدا» (٦)
ولو لا ذلك ، لما جاء في الحديث : «إنّ الدنيا لا تساوى عند الله جناح بعوضة» (٧).
ولو لا ذلك ، ما سقى كافرا منها شربة من ماء.
ولو لا ذلك ، لما جاء في الحديث : «لو أنّ مؤمنا على قلّة جبل ، لبعث الله له كافرا أو منافقا يؤذيه» (٨).
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١٤٦.
(٢) الأحزاب ٣٣ : ٣٥.
(٣) يونس ١٠ : ١٠٩.
(٤) الزخرف ٤٣ : ٣٣.
(٥) المؤمنون ٢٣ : ٥٦.
(٦) مسكن الفؤاد : ١١٨ ؛ الكامل لابن عدي ٢ : ٣٣٢.
(٧) مسكن الفؤاد : ١١٨.
(٨) إقبال الأعمال ٣ : ٨٥.