فإن قلت : فإذا كانت التسمية واقعة مع المضاف والمضاف إليه جميعا ، فما وجه ما جاء في الأحاديث من نحو قوله عليهالسلام : «من صام رمضان إيمانا واحتسابا» و «من أدرك رمضان فلم يغفر له»؟
قلت : هو من باب الحذف لا من الإلباس ، كما قال :
فهل لكم فيما إليّ ، فإنّني |
|
بصير بما أعيى النّطاسيّ حذيما |
أراد : ابن حذيم (١).
وقال الفيروز آبادي : شهر رمضان ، معروف. وجمعه رمضانات ورمضانون وأرمضة. وزيد : أرمضاء (٢). سمّي به ، لأنّهم لمّا نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سمّوها بالأزمنة الّتي وقعت فيها ، فوافق «ناتق» ـ اسمه القديم ـ زمن الحرّ والرّمض (٣). أو هو مشتقّ من «رمض الصائم» إذا اشتدّ حرّ جوفه ، من شدّة العطش ، وهو قول فرّاء. أو لأنّه يحرق الذنوب. ـ من رمضه الحرّ يرمضه إذا أحرقه ـ.
قال : ورمضان ، إن صحّ أنّه من أسماء الله تعالى ، فغير مشتقّ. أو راجع إلى معنى «الغافر» أي يمحو الذنوب ويمحقها (٤).
[٢ / ٤٧٤٦] وذكر الإمام الرازي : أنّه قد روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «إنّما سمّي رمضان ، لأنّه
__________________
(١) الكشّاف ١ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧. وابن حذيم : طبيب ماهر حاذق. والنطاسيّ ـ لغة روميّة معرّبة ـ بمعنى الماهر الحاذق في الطبّ. يقول الشاعر : فإن كانت رغبة فيما يعود إليّ من «إصابة الرأي والحذقة في حلّ مشكلات الأمور». فإنّي جدير بذلك وبصير بحلّ المعضلات. وكنّى عن ذلك بقوله : بما أعيى حذيم النطاسيّ الماهر. أراد : ابن حذيم ، لأنّه كنيته ، فحذف جزء الاسم تخفيفا ، ولم يكن عن التباس عليه في الاسم!
(٢) قال مطرّز : كان مجاهد يكره أن يجمع رمضان ، ويقول : بلغني أنّه اسم من أسماء الله تعالى. (لسان العرب ٧ : ١٦١).
(٣) كما سمّي شعبان لتشعّبهم حينذاك أي تفرّقهم في طلب المياه. وقيل في الغارات. (لسان العرب ١ : ٥٠٢). كما سمّي رجب ، لأخذهم بحرمته وكفّهم عن القتال. (المصدر ١ : ٤١١). وسمّي شوّال ، لشولان الناقة ذنبها لاشتداد الحرّ وانقطاع الرّطب. (المصدر ١١ : ٣٧٧). وسمّي صفر ، لأنّهم كانوا يمتارون الطعام فيه من المواضع فكانت مكّة تصفر من أهلها أي تخلو. (المصدر ٤ : ٤٦٢). والربيعان ، لأنّهما فصل الخصب وفيهما تأتي الكمأة والنّور. (المصدر ٨ : ١٠٣). والجماديّان ، لجمود الماء فيهما عند تسمية الشهور يومذاك. (المصدر ٣ : ١٣٠).
(٤) القاموس المحيط ٢ : ٣٣٢ ـ ٣٣٣. مع مزج شيء من شرح الزبيدي ٥ : ٣٧.