من وطئه التحريم .. فحيث كان الوالي من قبله ، لم يشاركه في عتوّه ، ولم يكن يعاونه في جوره ، ولم يعاضده في سلطانه ، وتمكّن من إحقاق حقّ وإجراء عدل في مبسوطة يده .. فهذا لا وجه لحرمته بل قد يكون مندوبا إليه مطلوبا من ذوي الصلاح.
قال المحقّق الأنصاري : والذي يسوّغ الولاية عن قبل الجائر ، هو الاطمئنان بإمكان القيام بمصالح العباد بلا خلاف بين أصحابنا الفقهاء فمن تقلّد أمرا جائزا في نفسه من قبل الجائر ، إذا تمكّن معه من إيصال حقّ لمستحقّه أو دفع ظلم عنه ، فإنّه جائز بالإجماع والسنّة الصحيحة ويشهد له استدعاء يوسف عليهالسلام من عزيز مصر أن يجعله على خزائن الأرض (١).
[٢ / ٣٢٣٧] وروى ابن بابويه الصدوق بإسناده عن عليّ بن يقطين قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام : «إنّ لله ـ تبارك وتعالى ـ مع السلطان أولياء ، يدفع بهم عن أوليائه» ورواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن ابن يقطين مثله.
[٢ / ٣٢٣٨] قال الصدوق : وفي خبر آخر : «أولئك عتقاء الله من النار».
[٢ / ٣٢٣٩] قال : وقال الصادق عليهالسلام : «كفّارة عمل السلطان قضاء حاجة الإخوان».
[٢ / ٣٢٤٠] وروى في الأمالي بالإسناد إلى زيد الشحّام قال : سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليهالسلام يقول : «من تولّى أمرا من أمور الناس ، فعدل وفتح بابه ورفع ستره ونظر في أمور الناس ، كان حقّا على الله ـ عزوجل ـ أن يؤمّن روعته يوم القيامة ويدخله الجنّة». (٢)
* * *
وذكر الجصّاص عن بعضهم : أنّ القاضي إذا كان عدلا في نفسه فولّي القضاء من قبل إمام جائر ، فإنّ أحكامه نافذة وقضاياه صحيحة. قال : وهذا مذهب صحيح ولا دلالة فيه على أنّ من مذهبه تجويز إمامة الفاسق! وذلك لأنّ القاضي إذا كان عدلا في نفسه فإنّما يكون قاضيا إذا تمكّن من تنفيذ الأحكام وكانت له يد وقدرة على قهر الممتنع. وليس اعتبار قضائه بمن ولّاه ، لأنّ الذي ولّاه إنّما هو بمنزلة سائر أعوان القاضي وعمده الّذين بهم ينفّذ قضاءه ، وليس شرط أعوان القاضي أن يكونوا
__________________
(١) يوسف ١٢ : ٥٥.
(٢) راجع : الفقيه ٣ : ١٠٨ / ٤٥١ و ٤٥٢ و ٤٥٣ ؛ المقنع : ١٢٢ ؛ الأمالي : ٢٠٣ / ٢ ؛ الكافي ٥ : ١١٢ / ٧ ؛ الوسائل ١٧ : ١٩٢ ـ ١٩٣ / ١ و ٢ و ٣ و ٥ و ٦ و ٧ باب ٤٦.