قالوا : والألف واللآم ـ فى الجنّة ـ ليست للعموم. ولا لمعهود لفظى ، وإنما تعود على معهود ذهنى ، وهو المستقر شرعا من جنة المأوى.
وكقول موسى ـ عليهالسلام ـ لآدم ـ «علام أخرجتنا ونفسك من الجنة؟» (١)
وروى مسلم ـ فى صحيحه ـ عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم : «يجمع الله الناس ، فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة ، فيأتون آدم ، فيقولون : يا أبانا .. استفتح لنا الجنة ، فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم؟» وذكر الحديث.
* وهذا فيه قوة جيدة ، ظاهرة فى الدلالة على أنها جنة المأوى.
* وقال آخرون : بل الجنة التى أسكنها آدم لم تكن جنة الخلد ، لأنه كلّف فيها ألا يأكل من تلك الشجرة ، ولأنه نام فيها ، وأخرج منها ، ودخل عليه إبليس فيها ، وهذا مما ينافى أن تكون جنة المأوى.
وهذا الرأى محكى عن أبىّ بن كعب ، وعبد الله بن عباس ، واختاره ابن قتيبة فى «المعارف» وحكاه عن أبى حنيفة الإمام وأصحابه ، ونقله أبو عبد الله الرازى فى تفسيره ، ونقله القرطبى عن المعتزلة والقدرية.
قال القاضى ـ الماوردى فى تفسيره : واختلف فى الجنة أى أسكناها ـ يعنى آدم وحواء ـ على قولين : أحدهما أنها جنة الخلد ، والثانى : أنها جنة
__________________
(١) انظر صحيح البخارى ـ ذكر احتجاج موسى وآدم عليهماالسلام.