وهذا ظاهر فى اجتماعه معهما فى جنتهما.
وقد أجيبوا عن هذا ، بأنه لا يمتنع أن يجتمع بهما فى الجنة على سبيل المرور فيها ـ لا على سبيل الاستقرار بها ، وأنه وسوس لهما وهو على باب الجنة ، أو من تحت السماء .. وفى الثلاثة نظر.
ومما احتج به أصحاب هذه المقالة ـ ما روى باسناد إلى أبىّ بن كعب قال :
«إن آدم لما احتضر اشتهى قطفا من عنب الجنة ، فانطلق بنوه ليطلبوه له ، فلقيتهم الملائكة ، فقالوا : أين تريدون يا بنى آدم ، فقالوا : إن أبانا اشتهى قطفا من عنب الجنة ، فقالوا لهم : ارجعوا فقد كفيتموه ، فانتهوا إليه فقبضوا روحه ، وغسلوه ، وحنطوه ، وكفّنوه ، وصلى عليه جبريل ، ومن خلفه الملائكة ، ودفنوه ، وقالوا : هذه سنّتكم فى موتاكم» (١)
قالوا : فلو لا أن كان الوصول إلى الجنة التى كان فيها آدم التى اشتهى منها القطف ممكنا ـ لما ذهبوا يطلبون ذلك ، فدل على أنها فى الأرض ، لا فى السماء.
وقالوا : والاحتجاج بأن الألف واللآم فى قوله : (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) لم يتقدم عهد يعود عليه ، فهو المعهود الذهنى مسلّم ، ولكن هو ما دل عليه سياق الكلام.
فإن آدم خلق من الأرض ، ولم ينقل أنه رفع إلى السماء ، وخلق ليكون فى الأرض ، وبهذا أعلم الرب الملائكة حيث قال : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة : ٣٠]
__________________
(١) قصص الأنبياء لابن كثير ١٨