* وبذلك يكون استثمار ما خلق الله فى الكون ، والانتفاع به أمرا مستحسنا ، بل امتثالا لأمر الله واستفادة من نعمه المعروضة ، ويكون الإعراض عنها إنحرافا. يقول تعالى :
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ .. قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الأعراف : ٣٢]
وعلى هذا ـ فليس السعى فى الأرض ، وطلب المعاش عقوبة على خطيئة آدم الأولى ، ولا العمل والكد فى سبيل ذلك لعنة إلهية ، لأن آدم ـ عليهالسلام ـ انتهت خطيئته بالتوبة ، وأمر أن يستأنف فى الأرض حياة جديدة ، ولا علاقة لها بالخطيئة ، التى غفرها الله له.
(وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى. ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى)
[طه : ١٢١ ، ١٢٢]
(فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)
[البقرة : ٣٧]
وهذا ما يشير إليه قول الحق ـ فى هبوط آدم إلى الأرض.
(وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) [البقرة : ٣٦]
فإن كلمتى (مُسْتَقَرٌّ) و (مَتاعٌ) تدلان على وصف حياة بنى آدم الدنيوية ، بشىء من الاستقرار والمتاع ، المحدودين ، ولكن فى حدود زمنية محدودة (إِلى حِينٍ).
وبذلك تضع هذه الآية الفاصل الواضح ، بين موقف المذاهب الروحية الخالصة ، التى تنكر الحياة الدنيوية ، إنكارا تاما ، وتعرض عنها إعراضا كاملا ،