(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً)
إنه يقول من كثرة ما لاقاه منهم : ربّ لا تبقى على الأرض من الكافرين شخصا واحدا منهم يسكن دارا ، أو يدور ويتحرك ـ وهذه العبارة تفيد الدعاء عليهم بمحوهم بالكلية.
وقد أجاب الله دعاءه : (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ)
[الأنبياء : ٧٧]
أما المؤمنون ، الذين آمنوا بالله ورسوله ، فيقول نوح فى شأنهم : ربّ اغفر لى واستر ذنبى ، واغفر لوالدى ولمن دخل بيتى ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات ، ولا تزد الظالمين لأنفسهم بالكفر ، ولغيرهم بالإضلال إلّا خسارا وهلاكا.
وكان العليم مطلعا على كل شىء ، مدركا ما يعانيه رسوله نوح ، وما يكابده من الابتئاس والإحساس بالشقاء ، نتيجة لأفعالهم .. فكان التأييد الإلهى ..
(وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ ـ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) [هود : ٣٦]
فهذا إخبار من العلى القدير أنه لما استعجل قومه نقمة الله بهم ، وعذابه لهم ، فدعا عليهم نوح دعواته المتكررة : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً.). (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) [القمر : ١٠]
فعند ذلك أوحى الله إليه (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) فلا تحزن عليهم ، ولا يهمنّك أمرهم ، ولا تبتئس لفعلهم ، فقد سبق فيهم القضاء ، وحقّت كلمة ربّك على الذين كفروا.