(وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) أى واصنع يا نوح السفينة (بِأَعْيُنِنا) أى بمرأى منها (وَوَحْيِنا) أى تعليمنا لك ما تصنعه ، اصنع الفلك لتكون أداة لنجاتك من الغرق ، أنت ومن معك من المؤمنين ، اصنعها بأعيننا وتحت ملاحظتنا حالة كونك مشمولا برعايتنا ، ومعلّما بوحينا لك كيفية الصنع حتى لا تقع فى خطأ.
(وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) أى ولا تخاطبنى يا نوح فى شأن الذين ظلموا أبدا ، فقد حقّ القضاء ، ونزل البلاء ، وحقّت عليهم كلمة ربك أنهم لمغرقون ، فلا تأخذنك بهم رأفة ولا رحمة.
قال بعض السلف : أمره الله تعالى أن يغرز الخشب ، ويقطعه وييبّسه ، فكان ذلك فى مائة سنة ، ونجّرها فى مائة سنة أخرى ، وقيل : أربعين سنة.
وذكر محمد بن إسحاق عن التوراة : إن الله أمره أن يصنعها من خشب الساج ، وأن يجعل طولها ثمانين ذراعا ، وعرضها خمسين ذراعا ، وأن يطلى باطنها وظاهرها بالقار ، وأن يجعل لها جؤجؤا أزورا يشق الماء.
وقال الحسن : كان طولها ستمائة ذراع ، وعرضها ثلاثمائة ، وكان ارتفاعها فى السماء ثلاثين ذراعا ، ثلاث طبقات ، كل طبقة عشرة أذرع ، فالسفلى : للدواب والوحوش ، والوسطى : للإنس ، والعليا : للطيور ، وكان بابها فى عرضها ، ولها غطاء من فوقها مطبق عليها.
* وقد ذكر ابن جرير أثرا مسندا إلى ابن عباس ، أنه قال :
قال الحواريون لعيسى ابن مريم : لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة ، فحدّثنا عنها ، قال : فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من تراب ، فأخذ كفا من ذلك