فكان الإبن من المغرقين. وفى ذلك يقول الحق سبحانه :
(فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ. وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ. تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ. وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟) [القمر : ١١ ـ ١٥]
ويقول عز شأنه : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ)
[العنكبوت : ١٥]
* حينئذ أمر الله الأرض بابتلاع الماء ، والسماء بالتوقف عن المطر ومنعه ، وما هو إلّا أمر وامتثال ..
(وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي ، وَغِيضَ الْماءُ ، وَقُضِيَ الْأَمْرُ ، وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ، وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [هود : ٤٤]
يخبرنا الحق سبحانه أنه لما أغرق أهل الأرض كلهم إلا أصحاب السفينة ، أمر الأرض أن تبلع ماءها الذى نبع منها ، واجتمع عليها ، وأمر السماء أن تقلع عن المطر (وَغِيضَ الْماءُ) أى شرع فى النقص ، (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) أى فرغ من أهل الأرض قاطبة ممن كفر بالله لم يبق منه ديار .. (وَاسْتَوَتْ) السفينة بمن فيها (عَلَى الْجُودِيِّ) وهو جبل بالجزيرة ، تشامخت الجبال يومئذ من الغرق. وتطاولت ، وتواضع هو لله عزوجل ، فلم يغرق ، وأرست عليه سفينة نوح عليهالسلام.
قال قتادة : قد أبقى الله سفينة نوح على الجودى من أرض الجزيرة ـ عبرة وآية ، حتى رآها أوائل هذه الأمة ، وكم من سفينة قد كانت بعدها فهلكت وصارت رمادا.