أى إذا اقترب الوعد الحق جعل الله السد (دَكَّاءَ) أى ساواه للأرض ، وجعله طريقا كما كان. (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ) أى الناس يومئذ ـ يوم يدك هذا السد ـ يموج فى بعض. ثم نفخ فى الصّور على أثر ذلك (فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) يوم القيامة.
قال المفسرون : بل المراد أنه إذا ماج الجن والإنس يوم القيامة ، يختلط الإنس والجن.
وقيل : إذا ماج الإنس والجن ، قال إبليس : أنا أعلم لكم علم هذا الأمر ، فيظعن إلى المشرق فيجد الملائكة قد قطعوا الأرض ، ثم يظعن إلى المغرب ، فيجد الملائكة قد بطنوا الأرض ، فيقول : ما من محيص ثم يظعن يمينا وشمالا إلا أقصى الأرض ، فيجد الملائكة قد بطنوا الأرض ، فيقول : ما من محيص ، فبينما هو كذلك إذ عرض له طريق كالشراك ، فأخذ عليه هو وذريته ، فبينما هم عليه إذ هجموا على النار فأخرج الله خازنا من خزان النار ، فقال يا إبليس ، ألم تكن لك المنزلة عند ربك؟ ألم تكن فى الجنان؟ فيقول : ليس هذا يوم عتاب ، لو أن الله فرض علىّ فريضة لعبدته فيها عبادة لم يعبده مثلها أحد من خلقه ، فيقول : إن الله قد فرض عليك فريضة ، فيقول : ما هى؟ فيقول : يأمرك أن تدخل النار ، فيتلكأ عليه ، فيقول به وبذريته بجناحيه ، فيقذفهم فى النار ، فتزفر النار زفرة ، لا يبقى ملك مقرب ، ولا نبى مرسل إلا جثى لركبتيه» (١)
بقى أن نقول :
إن ذا القرنين ليس هو الإسكندر الأكبر ، لأن ما ذكره المؤرخون فى تاريخه لا يتفق وما حكاه القرآن الكريم عنه ، والذى نقطع به .. أنه كان رجلا مؤمنا صالحا ، ملكه الله شرق الأرض وغربها ، وكان من أمره ما قصه الله تعالى فى كتابه ، وهذا ما ينبغى أن نؤمن به ونصدقه ...
__________________
(١) رواه ابن أبى حاتم ـ انظر تفسير ابن كثير ٣ / ١٠٤