والمناسبة هناك .. أنهم لما تهكّموا به فى قولهم (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ) الآية ـ فجاءت الصيحة فأسكتتهم
وقال تعالى ـ إخبارا عنهم فى سورة الشعراء : (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [الشعراء : ١٨٩] وما ذاك إلا لأنهم قالوا فى سياق القصة (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [الشعراء : ١٨٧] فأخبر أنه أصابهم عذاب يوم الظلة .. وقد اجتمع عليهم ذلك كله :
أصابهم (عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) وهى سحابة أظلتهم ، فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم ، ثم جاءتهم صيحة من السماء ، ورجّة من الأرض شديدة من أسفل منهم ، فزهقت الأرواح ، وفاضت النفوس ، وخمدت الأجسام (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ)
* وبمعنى آخر :
لقد ذكر الحق سبحانه فى «سورة هود» أنه أتتهم الصيحة ، وفى الأعراف الرجفة ، وفى الشعراء عذاب يوم الظلة ، وهم أمة واحدة ، مدين أصحاب الأيكة ، اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النّقم كلها.
وإنما ذكر الله فى كل سياق ما يناسبه :
ففى سورة الأعراف : لما قالوا (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا) ناسب أن يذكر الرجفة ، فرجفت بهم الأرض التى ظلموا بها وأرادوا إخراج نبيهم منها.
وفى سورة هود : لما أساءوا الأدب فى مقالتهم على نبيّهم ، ذكر الصّيحة التى استلبثتهم وأخمدتهم وفى سورة الشعراء ـ لما قالوا (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) قال الحق سبحانه : (فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)