والمعنى : إيأخذهم ربك بغتة فى الليل أو الضحى ، فأمنوا مكر الله؟ ـ إن كان الأمر كذلك فقد خسروا أنفسهم فإنه لا يأمن مكر الله إلّا القوم الخاسرون.
أجهل هؤلاء الناس ، الذين يرثون الأرض من بعد أهلها ـ بعد هذا البيان الكامل ، أن سنة الله فى الخلق لا تتغير؟ أكان ما ذكر ولم يتبين لهم أن شأننا معهم كشأننا مع من سبقهم ، فلو نشاء أصبناهم بذنوبهم كما أصبنا أمثالهم من قبل بغتة وهم لا يشعرون ، ونحن نطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون الحكم والنصائح سماع قول وتدبر (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) [يونس : ١٠١]
تلك القرى التى مر عليك ذكرها ـ يا محمد ـ نقصّ عليك بعض أنبائها وأخبارها مما فيه عبرة وعظة وتسلية ، ولقد جاءتهم رسلهم بالآيات البينات ، والمعجزات الخارقات ، ولكنهم لم يؤمنوا بما كذبوا به من قبل ، أى فى بدء الدعوة ، ولم تنفعهم الآيات الدالة على صدق الرسل ، مثل ذلك الطبع الذى طبعه الله على قلوب الكافرين ، من تلك الأمم يطبع الله على قلوب الكافرين من أمة الدعوة ، فلا تأس عليهم ، ولا تحزن على كفرهم ، وما وجدنا لأكثرهم عهدا وفوا به ، سواء كان عهد فطرة ، أو عهد شرع أو عرف ، وفى التعبير (بأكثرهم) إيماء إلى أن البعض قد آمن ووفى بعهده.
إن قصة شعيب ـ عليهالسلام ـ مع قومه أصحاب الأيكة ـ لهى قصة الحث على المعاملة الطيبة ابتغاء مرضاة الله.
وإن الباحث المتأمل ـ فى كتاب الله ـ يجد أن مما جاء فى القصص ـ أن دعوة النبيين ـ عليهم الصلاة والسلام ـ جاءت للخير إلى حسن التعامل ، وإصلاح الأرض ، وأن إصلاح الأعمال والنفوس ، ومنع الفساد فى الأرض من أعظم المقاصد فى الشرائع السماوية بعد عبادة الله تعالى ، والإيمان باليوم الآخر.