عبادك أحبّ إليك؟ قال : الذى يذكرنى ولا ينسانى ، قال : فأى عبادك أقضى؟ قال : الذى يقضى بالحق ولا يتبع الهوى ، قال : أى رب .. أى عبادك أعلم؟ قال : الذى يبتغى علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو تردّه عن ردى. قال : أى رب .. هل فى أرضك أحد أعلم منى؟ قال : نعم! قال : فمن هو؟ قال الخضر. قال : وأين أطلبه؟ قال : على الساحل ، عند الصخرة التى ينفلت عندها الحوت.
* حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما ، واضطرب الحوت فى المكتل ، فخرج منه فسقط فى البحر ، فاتخذ سبيله فى البحر سربا ، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء ، فصار عليه مثل الطاق ، فلما استيقظ نسى صاحبه أن يخبره بالحوت ، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغداة ، قال موسى لفتاه : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) أى تعبا ، ولم يجد موسى النّصب حتى جاوز المكان الذى أمره الله به.
قال له فتاه : (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ ، وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً) فجعل الله له الحوت آية ، قيل له : إذا فقدت الحوت فارجع ، فإنك ستلقاه. فكان موسى يتبع أثر الحوت فى البحر.
قال : فكان للحوت سربا ، ولموسى وفتاه عجبا ، فقال : ذلك ما كنا نبغى ، فارتدّا على آثارهما قصصا ، قال : فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة ، فإذا رجل مسجّى بثوب. فسلّم عليه موسى ، فقال الخضر ، وأنّى بأرضك السلام ، فقال : أنا موسى ، فقال : موسى بنى إسرائيل؟ قال : نعم.
(قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ؟) سؤال تلطّف .. لا على وجه الإلزام والإجبار ، وهكذا ينبغى أن يكون سؤال المتعلم من العلم. وقوله (اتَّبَعَكَ) أى أصحبك وأرافقك وألازمك (عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) أى مما علمك الله شيئا أسترشد به فى أمرى من علم نافع وعمل صالح؟