(قال) موسى : (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) أى لا تضيّق علىّ ولا تشدّد علىّ قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم : «كانت الأولى من موسى نسيانا».
وبعث الله الخطّاف (وهو طائر صغير) فجعل يستقى من البحر بمنقاره ، فقال الخضر لموسى : كم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا الماء؟ قال : ما أقل ما رزأ ، قال الخضر : يا موسى .. «فإن علمى وعلمك فى علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء».
وفى رواية : «ما علمى وعلمك فى علم الله إلا مثل ما نقّص هذا العصفور من هذا البحر». تبكيتا لموسى. لأن موسى كان قد حدثته نفسه ـ أو تكلم به ـ أنه ليس أحد أعلم منه. فمن ثم أمر أن يأتى الخضر ليتعلم منه.
٢ ـ * ثم خرجا من السفينة ، فبينما هما يمشيان على الساحل ، لقيا (غلاما) كان يلعب مع الغلمان فى قرية من القرى ، فعمد إليه الخضر من بينهم ـ وكان أحسنهم وأجملهم وأوضأهم ـ فقتله ، بأن أخذ رأسه بيده فاقتلعه ، وروى أنه احتزّ رأسه ، وقيل : رضخه بحجر ، والله أعلم بما حدث.
فلما شاهد موسى عليهالسلام هذا .. أنكره أشد من الأول ، وبادر فقال : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً) أى صغيرة ، لم تعمل الحنث ، ولا عملت إثما بعد ، فقتلته (بِغَيْرِ نَفْسٍ) أى بغير مستند لقتله (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) أى ظاهر النكارة.
(قال) الخضر : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) فأكد أيضا فى التذكار بالشرط الأول. فلهذا قال له موسى : (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها) أى إن اعترضت عليك بشىء بعد هذه المرة (فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) أى قد أعذرت إلىّ مرة بعد مرة.