روى ابن جرير ـ باسناد إلى أبىّ بن كعب ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : رحمة الله علينا وعلى موسى ، لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب ، ولكنه قال : (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً).
٣ ـ * فانطلقا بعد المرتين الأولتين .. (حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ) لئاما بخلاء (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) أى مائلا يريد أن يسقط. وإسناد الإرادة ههنا إلى (الجدار) على سبيل الاستعارة ، فإن الارادة فى المحدثات بمعنى الميل والانقضاض هو السقوط. (فأقامه) الخضر ـ أى ردّه إلى حالة الاستقامة ، ردّه بيده ، ودعمه حتى ردّ ميله ، وهذا خارق. فعند ذلك قال موسى له : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) أى لأجل أنهم لم يضّيفونا ـ كان ينبغى أن لا تعمل لهم مجانا.
قال الخضر : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) لأنك شرطت على نفسك عند قتل الغلام إنك إن سألتنى عن شىء بعدها فلا تصاحبنى ، فهو فراق بينى وبينك ، ولكنى (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ) أى تفسير وتعليل وتوضيح (ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً)
* وهنا بدأ الخضر فى تفهيم موسى المبررات التى من أجلها فعل ما فعل : من خرق للسفينة ، وقتل للغلام ، وإصلاح للجدار ، وتوضيح ما أشكل أمره عليه ، وما كان أنكر ظاهره ، وقد أظهر الله الخضر على حكمة باطنه.
١ ـ (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) أى أما السفينة التى خرقتها فكانت لأناس ضعفاء لا يقدرون على مدافعة الظّلمة ، يشتغلون بها فى البحر بقصد التكسب ، (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) أى أردت بخرقها أن أجعلها معيبة لئلا يغتصبها الملك الظالم (هدد بن بدد) الذى كان يستولى على كل سفينة جيدة