ودلّ على عفافها وورعها أنها تعوّذت بالله من تلك الصورة الجميلة الفائقة فى الحسن (١).
وقالوا أيضا : إن جبريل نفخ فى جيب درعها فدخلت النفخة فى جوفها فحملت به ، وتنحّت إلى مكان بعيد ، وكان هذا الأمر حكم الله بمجيىء عيسى ، وإن لم يكن لها زوج ، فإن ذلك على الله سهل يسير ، وليكون مجيؤه آية للناس ، ودلالة على قدرة الله العجيبة ، ورحمة لهم ببعثه نبيّا يهتدون بإرشاده.
وأنه كان يكلّم الناس فى المهد إثباتا للمعجزة الإلهية :
قال تعالى : (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ)
[آل عمران : ٤٦]
كلّم أمه أثناء المخاض والوضع :
قال عزوجل : (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا. فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ : يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا. فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا. وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا. فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً) [مريم : ٢٢ ـ ٢٦]
(فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) أى فألجأها ألم الطّلق ، وشدة الولادة إلى ساق نخلة يابسة لتعتمد عليها عند الولادة. قالت : (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) أى قالت : يا ليتنى كنت مت قبل هذا اليوم ، وكنت شيئا تافها لا يعرف ولا يذكر.
__________________
(١) أبو حيان : البحر المحيط ج ٦ ص ١٨٠