كيف يكون المفلس من عرفانه كالمخلص فى إيمانه؟
وكيف يكون المحجوب عن شهوده كالمستهلك فى وجوده؟
كيف يكون من يقول «أنا» كمن يقول «أنت»؟ وأنشدوا :
وأحبابنا شتان : واف وناقص |
|
ولا يستوى قطّ محبّ وباغض |
قوله : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) ، إن تمسّكوا بحبل (١) وفائنا أحللناهم ولاءنا ، وإن زاغوا عن عهدنا أبليناهم بصدّنا ، ثم لم يربحوا فى بعدنا.
(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) : المتّقى الذي يستحق محبة من يتّقى ؛ وذلك حين يتقى محبّة نفسه ، وذلك بترك حظه والقيام بحقّ ربّه.
قوله جل ذكره : (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ (٨))
وصفهم بلؤم الطبع فقال : كيف يكونون محافظين على عهودهم مع ما أضمروه لكم من سوء الرضاء؟ فلو ظفروا بكم واستولوا عليكم لم يراعوا لكم حرمة ، ولم يحفظوا لكم قرابة أو ذمّة.
وفى هذا إشارة إلى أنّ الكريم إذا ظفر غفر ، وإذا قدر ما غدر ، فيما أسرّ وجهر.
قوله (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) أي لا عجب من طبعهم ؛ فإنهم فى حقّنا كذلك يفعلون : يظهرون لباس الإيمان ويضمرون الكفر. وإنهم لذلك يعيشون معكم فى زىّ الوفاق ، ويستبطنون عين الشّقاق وسوء النّفاق.
قوله جل ذكره : (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا
__________________
(١) وردت (لجبل) وهى خطأ فى النسخ.