أولى من القيام بباب الله تعالى ، قال تعالى فيما ورد به الخبر : «أنا جليس من ذكرنى» (١).
قوله جل ذكره : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦))
إذا استجار المشرك ـ اليوم ـ فلا يردّ حتى يسمع كلام الله ، فإذا استجار المؤمن طول عمره من الفراق ـ متى يمنع من سماع كلام الله؟ ومتى يكون فى زمرة من يقال لهم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) (٢).
وإذ قال ـ اليوم ـ عن أعدائه : (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) فإن لم يؤمن بعد سماع كلامه نهى عن تعرضه حيث قال : (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) ـ أترى أنه لا يؤمّن أولياءه ـ غدا ـ من فراقه ، وقد عاشوا اليوم على إيمانه ووفائه؟! كلا .. إنه يمتحنهم بذلك ، قال تعالى : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) (٣).
ثم قال : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) فإذا كان هذا برّه بمن لا يعلم فكيف برّه بمن يعلم؟
ومتى نضيّع من ينيخ ببابنا |
|
والمعرضون لهم نعيم وافر؟! |
قوله جل ذكره : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧))
__________________
(١) جاء فى الرسالة ص ١١١ قال محمد الفراء سمعت الشبلي يقول : (أليس الله تعالى يقول : أنا جليس من ذكرنى؟ ما الذي استفدتم من مجالسة الحق؟).
(٢) آية ١٠٨ سورة المؤمنون.
(٣) آية ١٠٣ سورة الأنبياء.