من وفّى الحقّ فى عقده فزده على حفظ عهده ؛ إذ لا يستوى من وفّاه ومن جفاه.
قوله جل ذكره : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ)
يريد إذا انسلخ الحرم فاقتلوا من لا عهد له من المشركين ، فإنّهم ـ وإن لم يكن لهم عهد وكانوا حرما ـ جعل لهم الأمان فى مدة هذه المهلة ، (....) (١) فكرتم أن يأمر بترك قتال من أبى كيف يرضى بقطع وصال من أتى؟!.
قوله جل ذكره : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ).
أمرهم بمعالجة جميع أنواع القتال مع الأعداء.
وأعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك ؛ فسبيل العهد فى مباشرة الجهاد الأكبر مع النّفس بالتضييق عليها بالمبالغة فى جميع أنواع الرياضات ، واستفراغ الوسع (٢) فى القيام بصدق المعاملات. ومن تلك الجملة ألا ينزل بساحات الرّخص والتأويلات ، ويأخذ بالأشقّ فى جميع الحالات
قوله جل ذكره : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
حقيقة التوبة الرجوع بالكلية من غير أن تترك بقية. فإذا أسلم الكافر بعد شركه ، ولم يقصّر فى واجب عليه من قسمى فعله وتركه ، حصل الإذن فى تخلية سبيله وفكّه :
إن وجدنا لما ادّعيت شهودا |
|
لم نجد عندنا لحقّ حدودا |
وكذلك النّفس إذا انخنست ، وآثار البشرية إذا اندرست ، فلا حرج ـ فى التحقيق ـ فى المعاملات فى أوان مراعاة الخطرات مع الله عند حصول المكاشفات. والجلوس مع الله
__________________
(١) مشتبهة
(٢) وردت (الواسع) والصواب أن تكون الوسع.