قوله جل ذكره : (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)
(إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) بالشقاوة. وفيه تعريف بأن حكم الأزل لا يردّ ، والحقّ ـ سبحانه ـ لا ينازع ، والجبّار لا يخاصم ، وأن من أقصاه ربّه لم يدنه تنبيه ولا برّ ولا وعظ.
(وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) ولكن بارك الحقّ ـ سبحانه ـ فى الذين نجّاهم من نسله ، ولم يدخل خلل فى الكون بعد هلاك من أهلك من قومه.
قوله جل ذكره : (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١))
عرف أنّ نجاته من القطرة لمّا تقاطرت ليست بالحيل ـ وإن تنوّعت وكثرت ، فباسم الله سلامته ، وبتوكله على الله نجاته وراحته ، وبتفضله ـ سبحانه ـ صلاحه وعافيته.
قوله جل ذكره : (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢))
وكان فى معزل بظاهره ، وكان فى سرّ تقديره أيضا بمعزل عما سبق لنوح وقومه من سابق فضله. فحينما نطق بلسان الشفقة وقال : (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) ـ لم يقل له : ولا تكن من الكافرين ؛ لأن حالته كانت ملتبسة على نوح إذ كان ابنه ينافقه ـ فقيل له : يا نوح إنه مع الكافرين لأنه فى سابق حكمنا من الكافرين.
قوله جل ذكره : (قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣))