ما توعدهم به من عذاب غير مكذوب ، ونجّى نبيّهم ـ عليهالسلام ـ ، ونجّى من اتّبعه من كل عقوبة .. سنّة منه ـ سبحانه ـ فى إنجاء أوليائه أمضاها ، وعادة فى تلطفه ورحمته بالمستحقين أجراها.
قوله جل ذكره (وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠))
أخبر أن الملائكة أتوا إبراهيم ـ عليهالسلام ـ بالبشارة ، وأخبر أن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ أنكرهم ، ولم يعرف أنهم ملائكة. فيحتمل أنّه ـ سبحانه ـ أراد أن تكون تلك البشارة فجأة من غير تنبيه لتكون أتمّ وأبلغ فى إيجاد السرور ، ولا سيما وقد كانت بعد خوف لأنه قال : فأوجس منهم خيفة.
ويقال إن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ كان صاحب النبوة والخلّة والرسالة فلا بدّ أن تكون فراسته أعلى من فراسة كلّ أحد ، ولكنه فى هذه الحالة لم يعرف الملائكة ليعلم أنّ الحقّ ـ سبحانه وتعالى ـ إذا أراد إمضاء حكم يدّ على من أراد عيون الفراسة ، وإن كان صاحب الفراسة هو (خليل) (١) الله ، كما سدّ الفراسة على نبيّنا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى قصة الإفك إلى الوقت الذي نزل فيه الوحى ، وكذلك التبس على لوط ـ عليهالسلام ـ إلى أن تبيّن له الأمر.
وتكلموا في هذه «البشرى» ما كانت ؛ فقيل كانت البشارة بإسحاق ، وبأنّه سيولد له ولد من نسله وسلالته ؛ قال تعالى : (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ).
ويقال بعلامة قومه ـ حيث كانوا مرسلين بإهلاك قوم لوط ـ عليهالسلام.
__________________
(١) سقطت كلمة (خليل) فأثبتناها لحاجة السياق إليها.