قوله جل ذكره : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢))
إذا عرفوا حالهم وحال المسلمين يوم القيامة لعلموا كيف شقوا ، وأي كأس رشفوا.
ويقال إذا صارت المعارف ضرورية أحرقت نفوس أقوام العقوبة ، وقطّعت قلوبهم الحسرة.
ويقال لو عرفوا حالهم وحال المؤمنين لعلموا أن العقوبة بإهلاكهم حاصلة لقوله تعالى بعدئذ :
(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣))
قيمة كل امرئ على حسب همّته ؛ فإذا كانت الهمة مقصورة على الأكل والتمتع بالصفة البهيمية لا يحاسب ، وعلى العقل لا يطالب ؛ فالتّكليف يتبعه التشريف! وغدا سوف يعلمون.
قوله جل ذكره : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥))
الآجال معلومة ، والأحوال مقسومة ؛ والمشيئة فى الكائنات ماضية ، ولا تخفى على الحق خافية.
قوله جل ذكره : (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦))
الجنون معني يوجب إسناد ما ينكشف للعقلاء من التحصيل على صاحبه ، فلمّا كانوا بوصف التباس الحقائق عليهم فهم أولى بما وصفوه به (١) ، فهم كما فى المثل : رمتني بدائها وانسلّت.
__________________
(١) لأنهم ليسوا عقلاء ولا تحصيل لهم.