النفوس أرض عبادة العابدين ، وقلوب العارفين أرض المعرفة وأرواح المشتاقين أرض المحبة ، والخوف والرجاء لها رواس. وكذلك الرغبة والرهبة.
ويقال من الرواسي التي أثبتها فى الأرض الأولياء فبهم يثبت الناس إذا وقع بهم الفزع. ومن الرواسي العلماء الذين بهم قوام الشريعة ؛ فعلماء الأصول هم قوام أصل الدّين ، والفقهاء بهم نظام الشرع ، قال بعضهم :
وا حسرتا من فراق قوم |
|
هم المصابيح والأمن والمزن. |
قوله جل ذكره : (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ)
كما أنبت فنونا من النبات ذات أنوار (١) أنبت فى القلوب صنوفا من الأنوار (٢) ، منها نور اليقين ونور العرفان ، ونور الحضور ونور الشهود ، ونور التوحيد .. إلى غير ذلك من الأنوار.
(وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ)
سبب عيش كلّ واحد مختلف ؛ فعيش المريدين من إقباله ، وعيش العارفين التجمل بأفضاله (٣)
قوله جل ذكره : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١))
خزائنه فى الحقيقة مقدوراته ، وهو ـ سبحانه ـ قادر على كل ما هو مرسوم بالحدوث.
ويقال خزائنه فى الأرض قلوب العارفين بالله ، وفى الخزانة جواهر من كل صنف ؛ فحقائق العقل جواهر وضعها فى قلوب قوم ، ولطائف العلم جواهر بدائع المعرفة ، وأسرار العارفين
__________________
(١) أنوار النبات جمع نورة وهى الزهرة البيضاء.
(٢) أنوار القلوب جمع نور.
(٣) وردت (أفعاله) وقد رجحنا (أفضاله) لأنها أدق في المعنى ، وإن كان كلاهما صحيحا