قوله جل ذكره : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ)
أدّبه حتى لا يتغير بصفة أحد ، وهذه حال التمكين.
قوله جل ذكره : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)
أي ألن لهم جانبك. وكان عليهالسلام إذا استعانت به الوليدة (١) فى الشفاعة إلى مواليها يمضى معها .. إلى غير ذلك من حسن خلقه ـ صلوات الله عليه ـ وكان فى الخبر : إنه كان يخدم بيته وكان فى (مهنة) أهله (٢). وتولّى خدمة الوفد ، وكان يقول : سيد القوم خادمهم.
قوله جل ذكره : (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩))
لمّا لم يكن بنفسه وكان قائما بحقه ـ سبحانه وتعالى ـ سلّم له أن يقول : إنى وأنا. وفى الخبر : أن جابرا دقّ عليه الباب ، فقال : من؟ قال : أنا ... فقال النبي عليهالسلام : «أنا أنا» .. كأنه كرهها (٣)
ويقال : قل لاحدّ لاستهلا كك فينا ، سلّمنا أن تقول : إنى أنا ، لما كنت بنا ولنا.
قوله جل ذكره (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠))
أي قل إنى أنا لكم منذر بعذاب كالعذاب الذي عذّبنا به المقتسمين ؛ وهم الذين تقاسموا بالله لنبيّه فى قصه صالح عليهالسلام. وقيل هم من أهل الكتاب الذين اقتسموا كتاب الله ؛ فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
ويقال إنى لكم نذير أخوفكم عقوبة المقتسمين الذين اقتسموا الجبال والطرق بمكة فى الموسم ، وصدوا الناس. وكان الواحد منهم يقول لمن مرّ به : لا تؤمن بمحمد فإنه ساحر ، ويقول الآخر : إنه كاهن ويقول ثالث : إنه مجنون ، فهم بأقسامهم :
(الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (٤)
__________________
(١) الوليدة ـ الجارية ، قال طرفة :
فذالت كما ذالت وليدة مجلس |
|
ترى ربها أذيال سحل ممدد |
(٢) عن الأسود بن يزيد : قال سئلت عائشة رضى الله عنها ما كان النبي (ص) يصنع فى بيته؟ قالت : كان يكون فى مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إليها (رواه البخاري).
(٣) الحديث جاء مضطرب الكتابة في النسختين وقد صححناه كما أورد النووي فى رياض الصالحين ط بيروت ص ٣٥١
(٤) عضين ج عضة وأصلها عضوة أي جزء ، وعضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء وأجزاء وأقساما.