ففرقوا القول فيه ، فقال بعضهم إنه شعر ، وقال بعضهم إنه سحر ، وقال بعضهم إنه كهانه ... إلى غير ذلك.
قوله جل ذكره : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣))
العوام يسألهم عن تصحيح أعمالهم ، والخواص يسألهم عن تصحيح أحوالهم.
ويقال يسأل قوما عن حركات ظواهرهم ، ويسأل آخرين عن خطرات سرائرهم. ويسأل الصديقين عن تصحيح المعاني بفعالهم ، ويسأل المدّعين عن تصحيح الدعاوى تعنيفا لهم.
ويقال سماع هذه الآية يوجب لقوم أنسا وسرورا حيث علموا أنه يكلّمهم ويسمعهم خطابه لاشتياقهم إليه ، ولا عجب فى ذلك فالمخلوق يقول فى مخلوق :
من الخفرات البيض ودّ جليسها |
|
إذا ما انتهت أحدوثة لو تعيدها |
فلا أسعد من بشر يعرف أنّ مولاه غدا سيكلمه.
قوله جل ذكره : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤))
كن بنا وقل بنا ، وإذا كنت بنا ولنا فلا تجعل حسابا لغيرنا ، وصرّح بما خاطبناك به ، وأفصح عمّا نحن خصصناك به ، وأعلن محبتنا لك :
فسبّح (١) باسم من تهوى ودعنا من الكني |
|
فلا خير في اللّذات من بعدها ستر |
قوله جل ذكره : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦))
الذين دفعنا عنك عادية (٢) شرّهم ، ودرأنا عنك سوء مكرهم ، ونصرناك بموجب
__________________
(١) الأصل فى البيت (فصرح) والتصريح يقابل (الكناية).
(٢) وردت (عادية) بالغين ، والملائم للسياق (عادية) بالعين. حيث يقال (دفعت عنك عادية فلان أي ظلمه وشره) : الوسيط ص ٥٩٥.