ثم نفى عنهما المساواة إذ ليس من كان بنفسه ، ملاحظا لأبناء جنسه ، متماديا فى حسبان مغاليطه كمن كان مدركا بربّه مصطلما (١) عن شاهده ، غائبا عن غيره ، والمجرى عليه ربّه ولا حول له إلا به.
قوله جل ذكره : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦))
هذا المثل أيضا للمؤمن والكافر ؛ فالكافر كالجاهل الأبكم الذي لا يجىء منه شىء ، ولا يحصل منه نفع ، والمؤمن على الصراط المستقيم يتبرأ عن حوله وقوّته ، ولا يعترف إلا بطوله ـ سبحانه ـ ومنّته.
قوله جل ذكره : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧))
استأثر الحقّ ـ سبحانه ـ بعلم الغيبيات ، وسترها على الخلق ؛ فيخرج قوما فى الضّلالة ثم ينقلهم إلى صفة الولاية ، ويقيم قوما برقم العداوة ثم يردهم إلى وصف الولاية .. فالعواقب مستورة ، والخواتيم مبهمة ، والخلق فى غفلة عما يراد بهم.
قوله جل ذكره : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨))
__________________
(١) الاصطلام : نعت غلبة ترد على المقول فيستلبها بقوة سلطانه وقهره (اللمع ص ٤٥٠).