يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً (٤٣))
إذا ظهر خسران من آثر حظّه على حقّ الله ، قرع باب ندامته ، ثم لا ينفعه.
ولو قرع باب كرمه فى الدنيا ـ حين وقعت له الفترة ـ لأشكاه (١) عند ضرورته ، أنجاه من ورطته .. ولكنه ربط بالخذلان ، ولبّس عليه الأمر بحكم الاستدراج.
قوله : (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ) : من اشتهر أمره بسخط السلطان عليه لم ينظر إليه أحد من الجند والرعية ، كذلك من وسمه الحقّ بكىّ الهجر لم يرث له ملك ولا نبىّ ، ولم يحمه صديق ولا ولىّ.
قوله جل ذكره : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً (٤٤))
هو الحقّ المتفرّد بنعت ملكوته ، لا يشرك فى جلال سلطانه من الحدثان أحدا ، وإذا بدا من سلطان الحقيقة شظية فلا دعوى ولا معنى لبشر ، ولا وزن فيما هنا لك لحدثان ولا خطر ، كلّا .. بل هو الله الخلّاق الواحد القهار.
هنا لك الولاية لله أي القدرة ـ والواو هنا بالكسر ، وهنا لك الولاية لله أي النصرة ـ والواو هنا بالفتح (٢).
قوله جل ذكره : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (٤٥))
__________________
(١) أشكاه : أزال سبب شكواه ، وأعانه.
(٢) الولاية (بالكسر) بمعنى القدرة أي : السلطان والملك كله لله ، ويتولى الله كل مضطر فيكون قوله : (لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) كلمة ألجئ إليها فقالها جزعا من شؤم كفره ـ ولو لا ذلك لم يقلها.
أو على الولاية (بالفتح) بمعنى النصرة تقريرا لقوله : (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ)