ويقال هى ضياء شموس التوحيد المستكنّ (فى السرائر مما لا يتعرّض لكسوف الحجبة) (١)
قوله جل ذكره : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٤٧))
كما تسيّر جبال الأرض (٢) يوم القيامة فإنها تقتلع بموت الأبدال الذين يديم بهم الحقّ ـ اليوم ـ إمساك الأرض ، فهؤلاء السادة ـ فى الحقيقة ـ أوتاد العالم.
قوله : (فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) : الإشارة منه أنه ما من أحد إلا ويسقى كأس المنية ، ولا يغادر الحقّ أحدا اليوم على البسيطة إلا وينخرط عن نظامه. وإنّ شرفهم فى الدرجات فى توقّيهم عن مساكنة الدنيا.
قوله جل ذكره : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا)
يقيم كلّ واحد يوم العرض فى شاهد مخصوص ، ويلبس كلّا ما يؤهّله له ؛ فمن لباس تقوى ، ومن قميص هوى ، ومن صدار وجد ، ومن صدرة محبة ، ومن رداء شوق ، ومن حلّة وصلة.
ويقال يجرّدهم عن كل صفة إلا ما عليه نظرهم يوم القيامة. وينادى المنادى على أجسادهم : هذا الذي أتى ووجد ، وهذا الذي أبى وجحد. وهذا الذي خالف فأصرّ ، وهذا الذي أنعمنا عليه فشكر ، وهذا الذي أحسنّا إليه فذكر. وهذا الذي أسقيناه شرابنا ، ورزقناه محابّتا ، وشوّقناه إلى لقائنا ، ولقّيناه خصائص رعائنا (٣).
وهذا الذي وسمناه بحجبتنا ، وحرمناه وجوه قربتنا. وألبسناه نطاق فراقنا ، ومنعناه ، توفيق وفاقنا ، وهذا ، وهذا ...
__________________
(١) تكملة فى أسفل الصفحة موضحة فى المتن بالعلامة.
(٢) نلاحظ كثيرا أن القشيري يتحدث عن الأوتاد والأبدال والقطب كلما ورد فى القرآن ذكر للجبال ، فكما أن الله يمسك بها الأرض ويثبتها كذلك يقوم هؤلاء بحفظ الخلق ، وبكرامتهم يندفع البلاء عنهم.
(٣) الرعاء : المراعاة والمحافظة.