هم اليوم فى عقوبة الجحد ، وغدا فى عقوبه الردّ. اليوم هم فى ذلّ الفراق ، وغدا فى أليم الاحتراق.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (١٠٧))
لهم جنات معجّلة سرا ، ولهم جنان مؤجلة جهرا.
اليوم جنان الوصل وغدا جنان الفضل.
اليوم جنان العرفان وغدا جنان الرضوان.
قوله جل ذكره : (خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٨))
عرّفنا ـ سبحانه ـ أن ما يخوّله لهم غدا يكون على الدوام ، فهم لا ينفكون عن أفضالهم ، ولا يخرجون عن أحوالهم ؛ فهم أبدا فى الجنة ، ولا إخراج لهم منها. وأبدا لهم الرؤية ، ولا حجاب لهم عنها (١).
قوله جل ذكره : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩))
أي لا تعدّ معانى كلمات الله لأنه لا نهاية لها ؛ فإنّ متعلقات الصفة القديمة لا نهاية لها ؛ كمعلومات الحقّ ـ سبحانه ـ ومقدوراته وسائر متعلقات صفاته.
والذي هو مخلوق (٢) لا يستوفى ما هو غير متناه ـ وإن كثر ذلك.
قوله جل ذكره : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ)
__________________
(١) القشيري من الباحثين الذين يصرحون بالرؤية بالأبصار فى الآخرة ، أما فى الدنيا فيقول : الأقوى فيه أنه لا يجوز ، الرسالة ص ١٧٥.
(٢) يفصد (البحر) إذا صار مدادا ؛ فالبحر يتناهى. وكلمات الله لا تتناهى.