(فَمَنْ رَبُّكُما) على التثنية ، ثم قال : (يا مُوسى) فأفرده بالخطاب بعد ما قال : (فَمَنْ رَبُّكُما؟). فيحتمل أن ذلك لمشاكلة رءوس الآي ، ويحتمل أن موسى كان مقدّما على هارون فخصّه بالنداء.
وإنما أجاب موسى عن هذا السؤال بالاستدلال على فعله ـ سبحانه فقال : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) ليعلم أنّ الدليل على إثباته ـ سبحانه ـ ما دلّت عليه أفعاله.
قوله جل ذكره : (قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (٥١) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (٥٢))
لا يمكننى أن أخبركم إلا بما أخبرنى به ربى ، فما عرّفنى عرّفت ، وما ستره علىّ وقفت.
قوله جل ذكره : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (٥٣))
جعل الأرض مستقرا لأبدانهم ، وجعل أبدانهم مستقرا لعبادته ، وقلوبهم مستقرا لمعرفته (١) ، وأرواحهم مستقرا لمحبته ، وأسرارهم مستقرا لمشاهدته.
قوله جل ذكره : (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (٥٤))
هيّأ لهم أسباب المعيشة ، وكما انظر إليهم ورزقهم رزق دوابّهم التي ينتفعون بها ،
__________________
(١) وردت (وأرواحهم مستقرا لعبادته) والصواب ان تكون (وقلوبهم مستقرا لمعرفته) حسبما نعرف من مذهب القشيري فى ترتيب الملكات الباطنية (انظر بحثنا فى الدكتوراه عن الإمام القشيري وتصوفه) ط مؤسسة الحلبي.